للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدقة.

وبرغمي أن أترك حديث هذه الناحية من القصة لأتحدث إليك عن ناحية أخرى لا تقل عنها بروزا وقوة: وفيها الفكرة الكبرى التي أرادها المؤلف من كتابة قصته وعناها بتسمية القصة (عودة الروح) ودعك من ناحية تمجيده الفلاح، أو بمعنى آخر للمصري الصميم، وإنها لصفحة ناصعة خالدة من صفحات هذه القصة وانك لتحس في تضاعيفها حرارة المصري الصميم يمجد مصر وطنه ويمجد المصري ابن وطنه، ودعك من تلك الصور الصادقة واللوحات الفنية الرائعة عن الريف وأهل الريف وعن حياتهم وعاداتهم والاتحاد القوي المتين بين أفرادهم، وروح الجماعة التي تبرز في شخصياتهم واضحة منيرة، دعك من هذا ودونك فاسمع ما يقوله أوربي عن مصر وعن شعبها في الفصل الخامس والعشرين واقرأ هذه الفقرات وارجع إلى الفصل المشار إليه إذا أردت أن تقرأها كاملة.

(إن هذا الشعب الذي نحسبه جاهلا ليعلم أشياء كثيرة، ولكنه يعلمها بقلبه لا بعقله. . . . جيء بفلاح من هؤلاء واخرج قلبه تجد فيه رواسب عشرة آلاف سنة من تجاريب ومعرفة رسب بعضها فوق بعض وهو لا يدري. . . .)

(قوة أوربا الوحيدة هي في العقل تلك الآلة المحدودة التي يجب أن نملأها نحن بإرادتنا، أما قوة مصر ففي القلب الذي لا قاع له)

(إن هذا الشعب المصري الحالي ما زال محتفظا بتلك الروح. . . روح المعبد. . . إن القوة كامنة في هذا الشعب ولا ينقصه إلا شيء واحد. . . المعبود. . . نعم ينقصه ذلك الرجل منه، الذي تتمثل فيه كل عواطفه وأمانيه ويكون له رمز الغاية. . . . عند ذاك لا تعجب لهذا الشعب المتماسك المتجانس المستعذب والمستعد للتضحية إذا أتى بمعجزة أخرى غير الأهرام)

فاذا انتقلنا إلى الفصل الثالث والأربعين قرأنا (في شهر مارس. . مبدأ الربيع. . فصل الخلق والبحث والحياة. . اخضرت الأشجار بورق جديد وحبلت وحملت أغصانها الأثمار. .

(كذلك مصر أيضاً. . حبلت، وحملت في بطنها مولوداً هائلاً. وها هي مصر التي نامت قرونا تنهض على أقدامها في يوم واحد. لأنها كانت تنتظر ابنها المعبود ورمز آلامها

<<  <  ج:
ص:  >  >>