تتخذها في سبيل المسالة الاستعمارية؛ وفي ٣٠ يناير الماضي أعلن الهير هتلر زعيم الدولة الألمانية في خطابه الرسمي الذي ألقاه في مجلس الريخستاج لمناسبة الذكرى الرابعة لتولي النازي الحكم مطالب ألمانيا الصريحة في سبيل استرداد مستعمراتها وبذلك اتخذت ألمانيا في هذه المسالة موقفها الرسمي الصريح؛ ولم يمض على تصريح الهير هتلر أيام قلائل حتى كان صدى المطالب الألمانية يتردد في دوائر باريس ولندن، وحتى وقعت المقابلة الأولى بين الهير فون ريبنتروب السفير الألماني في لندن، وبين اللورد هاليفاكس القائم بأعمال وزير الخارجية البريطانية، وفيها بسط السفير الألماني وجهة نظر حكومته في مسالة المستعمرات
ويجب أن نذكر إلى جانب ذلك كله موقف ألمانيا من المسألة الإسبانية وهو موقف وثيق الصلة بمطالبها ومشاريعها الاستعمارية؛ فقد اشتركت ألمانيا مع إيطاليا والبرتغال في تدبير الثورة الإسبانية القائمة، وعاونت زعيمها الجنرال فرانكو بالرجال والذخائر، واعترفت بحكومته أي بحكومة برجوس الفاشستية، ولألمانيا عدة سفن حربية في المياه الإسبانية تعاون مشاريع الثوار؛ وقد أذيع في الأسابيع الأخيرة أن ألمانيا استطاعت أن تحصل من الجنرال فرانكو على امتيازات عظيمة لاستغلال مناجم النحاس وغيره في أنحاء كثيرة من أسبانيا؛ وقد ذهبت ألمانيا إلى ابعد من ذلك فحاولت بالتفاهم مع الجنرال فرانكو أن تحتل مراكش الإسبانية، وأنزلت فيها بعض قواتها فعلا؛ ولم يك ثمة شك في الغايات الاستعمارية المباشرة أو غير المباشرة التي تعلقها ألمانيا على هذه الحركة التي ذكرتنا بحادث أغادير في سنة ١٩١٢، وهو الحادث الذي استغلته ألمانيا يومئذ لمصالحها الاستعمارية؛ بيد أن ألمانيا اضطرت إزاء حزم فرنسا وما أبدته من الاستعدادات البحرية العظيمة في المياه الإسبانية وما همت به من اتخاذ الإجراءات العسكرية السريعة في مراكش وعلى حدود أسبانيا الشمالية أن تتراجع في مشروعها وأن تؤكد أنها لا ترمي إلى أية غاية استعمارية في مراكش الإسبانية أو في أسبانيا ذاتها
والآن ما هي الاحتمالات التي يمكن أن تسفر عنها حركة ألمانيا في سبيل المستعمرات؟ إن ألمانيا تتقدم بمطالبها إلى جميع الدول التي استولت على أملاكها السابقة في أفريقية وفيما وراء البحار، وهي إنكلترا وفرنسا وبلجيكا واليابان؛ وهي تتقدم إلى إنكلترا بصفة خاصة