للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لأنها وضعت يدها على اكبر قسم من هذه التركة، ولأن موقفها من المسألة قد يغدو مفتاح الموقف كله؛ وقد كانت السياسة البريطانية تتوقع هذه الخطوة من ألمانيا منذ أشهر، ولهذا فقد بحثت المسالة، وانتهت فيها على ما يلوح إلى خطة معينة لم تتضح قواعدها بعد. بيد أنا نستطيع أن نتبين موقف السياسة البريطانية من بعض التصريحات الرسمية والتعليقات غير الرسمية؛ وقد أدلى السير صمويل هور وزير الخارجية البريطانية السابق، منذ اكثر من عام خلال مناقشات عصبة الأمم في المسألة الحبشية بأول رأي واضح لإنكلترا في المسألة الاستعمارية وهو أن إنكلترا مستعدة لأن تنظر في مسألة تنظيم توزيع المواد الأولية تنظيما يكفل توزيعها بصورة أكثر عدالة ورضاء للدول المحرومة منها؛ أما عن التخلي عن المستعمرات ذاتها أو إعادة شيء منها إلى ألمانيا، فقد صرح مستر ايدن وزير الخارجية الحالي، وكذلك مستر بلدوين رئيس الوزارة اكثر من مرة في مجلس العموم، بأن إنكلترا لا تنوي التخلي عن أية مستعمرة أو منطقة يظللها العلم البريطاني؛ بيد أنه يلوح لنا أن السياسة البريطانية قد تقدمت أخيراً خطوة أخرى في سبيل بحث المسألة الاستعمارية، وهو أنها مع عدم استعدادها لبحثها من الوجهة الشخصية، فإنها على استعداد لبحثها من الوجهة الدولية العامة، أعني من حيث ارتباطها بالسلام الأوربي، ووضع تسوية عامة للمسائل الدولية والأوربية يستقر معها السلم بصورة نهائية؛ ومن هذه مسألة تحديد السلاح، وتأمين الحدود المختلفة، وحل المشكلة الأسبانية وغيرها؛ وهذا ما تأباه ألمانيا، لأنها لا تقبل المساومة في أي مسالة تتعلق بسيادتها وحرياتها في العمل، وتصر على أن تنظر المسألة الاستعمارية في ذاتها؛ وهي تجد في إنكلترا ذاتها بعض المؤيدين لنظريتها، فقد رأينا مستر جارفن الكاتب السياسي الكبير ينصح بإعادة مستعمرات ألمانيا إليها، ويقول أن مسألة المستعمرات لا تستحق أن تكون مثارا للحرب بين الدول العظمى

ولا ريب أن المسالة لا يمكن أن تحل بمثل هذه السهولة؛ فإنكلترا لا تقبل مطلقا أن ترد لألمانيا مثلا شرق أفريقية الألماني وبذا تعيدها خصما منافسا لها في شرق أفريقيا إلى جانب إيطاليا الفاشستية، أو تعيد إليها غرب أفريقيا الألماني فتهدد بذلك سلامة إمبراطوريتها في جنوب أفريقيا وفي أواسطها، أو مستعمرة غانه الجديدة فتهدد مواصلاتها مع استراليا؛ وقد كانت هذه أهم مستعمرات ألمانيا السابقة. وليست فرنسا اقل تمسكا من

<<  <  ج:
ص:  >  >>