فليس بعيداً أن يخترعوا آلة يتحكمون بها في الزمان. ماضيه ومستقبله.
فلا يرتبط رجل الغد بزمان أو مكان. قد يكون في شرق الأرض، فإذا به في غربها. قد يكون في السنة الحاضرة فإذا به قد تركها ليعيش في الماضي السحيق أو المستقبل البعيد.
ولن يرضيه وقد تخلص من قيود الطبيعة أن يستمر أسيراً لأغلال الجسد. فهو يركب غذاء يتمكن به أن يكون له من الجسم جباره ومن العضلات مفتولها، فلا يصيبه وهن ولا تعتوره شيخوخة.
وهو يتقدم الطب، وبقليل أو كثير من الرياضة يستطيع أن يتحكم في أعضاء جسمه. فلا يبقى منها على عضو لا فائدة فيه، ولا يدع عضواً نافعاً إلا قواه. فمعدته التي تجر عليه أمراضاً يحتاج لعلاجها إلى ألف طبيب وطبيب. لابد متخلص منها إلى معدة صناعية تقوم بوظيفة الهضم أحسن قيام! وأنفه هذا الذي كثيراً ما يصيبه بالزكام يجب أن يستبدل به أنفاً جديداً لا يتطرق إليه برد ولا تنزف منه دماء!
وهو قد يضايقه الخضوع للنظام الجنسي فتلهمه عبقريته طريقة للتناسل عن طريق غير طريق المرأة فلا يحتاج إليها ولا تحتاج إليه. وطبيعي بعد هذا أن تختفي لديه تلك العواطف الرقيقة من حب وشفقة وحنو. فهي كلها مظهر ضعف لا يليق به، وهو لن يعترف إلا بالعقل يدين له وبالمادة يؤمن بها. وبالقوة يخضع لها أو يناجزها.
سيكون إنساناً جباراً بكل معنى الجبروت، عظيم الخلقة، شديد الذكاء، قوي الإرادة، لا عواطف له ولا قلب. ثم لا مكان له ولا زمان. لا يعرف النوم، ولا بفهم الكلال، ولا يصيبه المرض! ثم ينتقل بك ويلز إلى رسم لا يقل غرابة لحالة المجتمع الذي يمكن أن يعيش فيه البشر غداً.
ولكنه يتأثر في هذا بآراء ماركس. وماركس هو هذا الألماني الذي زعم أن المال يجتمع في أيدي أفراد قلائل يتمتعون بأطايب العيش، بينما هناك ملايين من العمال محرومون لا يكادون يجدون ما يتبلغون به. ثم تنبأ بثورة هائلة تقوم بها الغالبية الساحقة من الطبقات الفقيرة يذبحون فيها الأقلية الضئيلة من أصحاب رؤوس الأموال.
وبذا يسدل الستار عن مأساة كبرى قد تكون خاتمة الحياة الإنسانية أو بدء حياة جديدة هانئة سعيدة.