للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

هذا الاتفاق الذي علقت عليه يوم عقدت آمال كبيرة، ينهار اليوم من أساسه، لأن إيطاليا رأت في برنامج التسليح البريطاني، وفي دعوة الحكومة البريطانية للنجاشي إلى حفلات التتويج، ما يسوغ لها الارتياب في موقف السياسة البريطانية، والسير في سياستها العسكرية المطلقة دون تردد أو تقيد

وقد كان لهذا التحول في السياسة البريطانية، والتجاء بريطانيا إلى سياسة التسليح الشامل وقع عميق في ألمانيا وإيطاليا؛ ومما يلاحظ أنه وقع على أثر إثارة ألمانيا لمسألة المستعمرات ومطالبتها بمستعمراتها القديمة بصورة رسمية، ورد إنكلترا على مطالبها بالرفض المطلق؛ وقد أكد مستر ايدن وزير الخارجية البريطانية في عرضه لسياسة بريطانيا الخارجية، إن بريطانيا لا ترمي بالتسلح إلى أية غاية أعتدائية، ولاتفكر مطلقا في تعكير السلم، وكل ما ترمي إليه هو الدفاع عن سلامتها وسلامة أملاكها ومصالحها الإمبراطورية، ولم يخف الوزير أن ما شعرت به بريطانيا من خيبة الأمل في قيمة العهود والمواثيق الدولية وقيمة السلامة المشتركة كان من أعظم بواعث هذه السياسة، ولم يخف إن إخفاق العصبة في المسألة الحبشية كان صدمة أليمة للعصبة ولجميع الدول التي تؤمن بمبادئها، بيد أن السياسة البريطانية ما زالت تؤمل في مستقبل العصبة ومستقبل مبادئها السلمية الحرة. على أن هذه التصريحات الملطفة لم تخف الحقيقة البارزة في تسليح بريطانيا، وهي أنه رد عملي على تسليح ألمانيا وإيطاليا، ورد القوة على القوة، واعتزام التذرع بالعنف لرد العنف. ولم يستطيع منصف أن يلوم السياسة البريطانية على هذا التحول الذي اضطرت إليه لمثل هذه البواعث الحيوية القاهرة، ولكن برلين ورومة لا تريان هذا الرأي، أما برلين فلا تؤمن بما تقوله السياسة البريطانية في تبرير هذا التسلح، بل ترى فيه تحديا وتهديدا خفيا لها لتأيد السياسة التي ترمي إلى حرمانها من مستعمراتها ومطامعها الاستعمارية والاقتصادية المشروعة، وأما رومة فلا تشك أنه موجه إليها توجيها مباشرا لحرمانها من ثمرات تفوقها العسكري وانتصارها في الحبشة وتهديد سلامة إمبراطوريتها الاستعمارية التي كسبتها بسيفها، ولذلك رأينا المجلس الفاشستي الأعلى يجتمع بسرعة ويقرر مواصلة تسلح دون هدنة أو توقف، وأن يترك فكرة الاتفاق على تحديد التسليح نهائيا، وسيقترن هذا القرار بإجراء مناورات بحرية وجوية كبرى في مياه

<<  <  ج:
ص:  >  >>