الشعر، حتى كان لا ينشر القصيدة إلا بعد أن ينحى عليها بالتصحيح والتنقيح أعواما
كان بوشكين حين نظم (جودونوف) تحت تأثير شكسبير. وهو من أوائل الروس الذين عرفوا شكسبير وقدروه حق قدره. قال في رسالة إلى بعض أصدقائه:(أي رجل شكسبير هذا!! وما أصغر بيرون، كتراجيدي، بالقياس إليه. . إن بيرون لا يقدر أن يصف إلا شخصية واحدة، هي شخصيته. فهو يعطي لهذه كبرياءهُ، ولتلك بغضه، ولأخرى مزاجه السوداوي؛ وهكذا ينتزع من شخصيته القوية النشيطة شخصيات كثيرة لا قيمة لها، وليس هذا من الفن التراجيدي في شئ)
وقد خلصه النفي من الاشتراك في الثورة التي قام بها أصحابه المعروفون بال ولما أذن له القيصر نقولا الأول في العودة من المنفى سنة ١٨٢٦، واستدعاه إلى موسكو، سأله (ماذا يكون موقفك في يوم ١٤ ديسمبر في موسكو.) فأجابه بوشكين: (كنت أشترك مع إخواني العصاة)
وكان اجتماع القيصر بالشاعر خطة مدبرة أريد بها التأثير فيه وفي جمعيته التي استثار غضبها إعدام خمسة من الثوار. ولم يكن بوشكين - على قوته العقلية العظيمة - ليختلف عن الطفل في سذاجته وسرعة تصديقه وانقياده، ولذلك لم يجد القيصر صعوبة في اختلابه واجتذابه وإقناعه بأن الهدنة قد عقدت أخيراً بينه وبين الحكومة. ولم يكتشف كيف عبث به القيصر بمساعدة رئيس البوليس - كونت بنكيندورف - إلا بعد سنين
لم يكن بوشكين يتصور وهو في منفاه مدى الشهرة التي نالها بين قومه. فلما عاد إلى الاشتراك في الحياة الاجتماعية أذهلته مقابلتهم له. فقد كتب بعض الكتاب يقول:(موسكو السعيدة تحتفل اليوم بتتويجين: تتويج القيصر وتتويج الشاعر)
وفي الثلاثين من عمره تزوج من فتاة جميلة في الثامنة عشرة تدعى (نتالي جونخاروفا) ولم يجلب عليه هذا الزواج سعادة بل ولا هدوءاً، وما كان بيت الزوجية أكثر من خان باهظ النفقات. كان الشعر آخر شئ تحفل له الزوجة الشابة، على أنها نجحت في المجتمع نجاحاً كبيراً. وفي هذه الفترة من حياة بوشكين ساءت أحواله. فقد تراكمت عليه الديون، وتغير ذوق الجمهور فلم يعد يتحمس ذلك الحماس لروائع آثاره، وتزايد حقد بعض فرق الأرستقراطية عليه، فعزم على الخروج بزوجه وأطفاله الأربعة إلى إحدى ممتلكات والده،