(التلميذ) يرتكب جرائم خلقية ثابتة، يكون المعلم فيها هو الضامن الكفيل. فرجل الآداب والمفكر لا يحق لهما أن يكتبا كل شيء، ولكن واجبهما أن يكونا نافعين. وهكذا تعلم قصص بورجيه أن الفرد ورضا الفرد وإرجاع العدل إلى الفرد كلمات فارغة. إذ يرى أن المجتمعات هي أعضاء منظمة مرتبة، ملاجئها الحية هي الأسرة، فكل ما يضر ببقاء الأسرة وخصبها وتنظيمها يفنيها كما هو الحال في الجرائم التي تودي بالكائن الحي. ومنها الطلاق والانهماك في الفسق والزنى، وهجر الأولاد قبل البلوغ. والمجتمعات حالها كحال الأعضاء في استطاعتها أن تتحرك ولكنها لا تستطيع ذلك إلا ببطء. وكل تبديل فجائي يجر معه المرض والموت. وهذه الأخيلة الباطلة التي تبشر بها المساواة والديمقراطية تؤول إلى هذه التغيرات والفساد، فان الطبقات الاجتماعية لا تجوز (مرحلتها) إلا على مهل، خارجة من الحياة العالمة إلى اكتساب الثقافة العقلية وحسن استعمال الثروة ومعنى السلطة. ومن اجل هذا ينبغي إجلال (سياسة محافظة أرستقراطية) وديانة توحي إلى الإنسان احترام الأسرة واحترام نظامها. وهكذا تبدل بورجيه في نهاية ايامه، واصبح رجل وغظ في السياسة والدين.
فشل العلم
نقد الفلاسفة
كان لبورجيه كما كان لبرتلوتين وغيرهما، إيمان لا يتزعزع بالعلم. . . والعلم وحدة لا يكذب أصحابه، وهو ينطوي على اسمي الآمال، ولكن بورجيه لم يكن وحده حين هجر نبوءته، وهجر الآمال الخادعة التي يذيعها فإن الفلاسفة قبله قالوا: ليس للعلم مستقبل فيما وراء الطبيعة، إذ انه لا يقدر أن يعطي إلا يقيناً علمياً عملياً اصطلاحياً، ولا يقدر أن يعطي اليقين ذاته. وقد قال:(اميل بوتروس) في إحدى مقالاته المنطقية: (إن المذاهب العلمية لا تأتينا واضحة إلا لأن مقاييسنا غير واضحة. ولا توضح الحوادث إلا بحوادث اصطلاحية قد لا تكون صميم الأشياء ولكنها - صك تحكيم - بين العقل والأشياء) على أن هنالك عدداً من الفلاسفة الذين درسوا العلم وقالوا بأنه لا يعطي الحقيقة المطلقة. وهذا (هاملان) دون أن يجحد تأثير العقل قال: بأنه لا يستطيع أن يفهم الحقيقة العميقة إلا إذا أولها وفسرها،