للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وفي تذكرة الشيخ تاج الدين بن مكتوم بخطه: (قال نصر بن محمد بن أبي الفنون في كتاب أوزان الثلاثي: سين العربية شين في العبرية، فالسلام شلام، واللسان لشان، والاسم اشم)

وقول ابن أبي الفنون يذكرنا بكلام لابن حزم في كتابه (الإحكام في أصول الأحكام) وهو:

(إن الذي وقفنا عليه وعلمناه يقينا أن السريانية والعبرانية والعربية التي هي لغة مضر وربيعة لا لغة حمير - واحدة تبدلت بتبدل مساكن أهلها فحدث فيها جرش كالذي يحدث من الأندلسي إذا رام نغمة أهل القيروان، ومن القيرواني إذا رام لغة أهل الأندلس، ومن الخراساني إذا رام نغمتهما

ونحن نجد من سمع لغة أهل (فحص البلوط) وهي على ليلة واحدة من قرطبة كاد يقول إنها لغة أخرى غير لغة أهل قرطبة. وهكذا في كثير من البلاد فإنه بمجاورة أهل البلدة لأمة أخرى تتبدل لغتها تبدلاً لا يخفى على من تأمله، ونحن نجد العامة قد بدلت الألفاظ في اللغة العربية تبديلاً، وهو في البعد عن أصل تلك الكلمة كلغة أخرى، ولا فرق، فنجدهم يقولون في العنب: (العينب) وفي السوط (أسطوط) وفي ثلاثة دنانير (ثلثدا). وإذا تعرب البربري فأراد أن يقول الشجرة قال (السجرة)؛ وإذا تعرب الجليقي أبدل من العين والحاء هاء فيقول (مهمداً) إذا أراد أن يقول (محمداً) ومثل هذا كثير. فمن تدبر العربية والعبرانية والسريانية أيقن أن اختلافها من نحو ما ذكرنا من تبديل ألفاظ الناس على طول الأزمان واختلاف البلدان ومجاورة الأمم، وإنها لغة واحدة في الأصل

ومن الألفاظ المولدة في العربية لفظة (البوز) التي استعملها الجمهور في مدينة يافا من أعمال فلسطين منذ أربع سنين حينما كان الوطنيون في دار القضاء (المحكمة) يحاكمون، فقد قال عامل عربي من عمال الشحنة أو الشرطة - البوليس أو البلوص كما يقال في بعض الجهات - فإنه قال كلمة منكرة فاحشة أنكرها الجمع العربي حتى أن النيابة وهي كلمة إنكليزية أنكرتها وقسرته على أن يرجعها فرجعها؛ فلما قالها صاح الناس هناك: (سد بوزك)

وقد ظن بعضهم أن هذه اللفظة عامية والصحيح أنها معربة أو مولودة وهي - إن لم تكن نوحية - ألفية عمرها ألف سنة، وقد استعملها كبار الأدباء، وهذه حكاية أوردها ياقوت في كتاب (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب) وقد جاءت فيها اللفظة المذكورة:

<<  <  ج:
ص:  >  >>