المسافات التي كانت تخصص للحفر والتصوير وبين المسافات التي تركت بدونه، كما أصبح توزيع المصورات على المساحات رديئاً، وخلت هي نفسها من كل جمال وانسجام، وطغى عليها ازدحام أبعدها عن الذوق الفني. والمشاهد لتراث هذا العهد يلاحظ التضخم بادياً على المنحوتات الممثلة لجسم الإنسان
ولعلنا بمشاهدة بعض المصورات التي أمكن الحصول عليها لتناسب المقال هنا، يمكننا أن نفهم جيداً المدى الذي وصل إليه المصريون في فن التصوير والنحت والتصويري: فترى في الصورة - ١ - المنقولة عن حائط بمقابر بني حسن، منظراً رائعاً لجماعة من الآشوريين (الساميين) وهم سائرون وراء اثنين من المصريين. ومتجهون جميعاً في طريقهم إلى مصر. فترى على اليمين أحد الموظفين المصريين (باللون الأحمر في الأصل) يرفع بيمينه لوحة أوضحت الغرض من قدوم هؤلاء الأجانب وهو تقديم الولاء لملك مصر (سيزوستريس الثاني - الأسرة الثانية عشرة)، ويعقبه مصري آخر يسير وراءه كمن يرشد الجماعة إلى خط السير؛ ثم ترى الثالث وهو يسير ممسكاً عنزاً من أحد قرنيها بيده اليسرى، والرابع ممسكا غزالا أحاط عنقه بحبل قبض عليه بيسراه، على حين قبض على القرن بيمناه، أحضرهما كعينة لحيوانات بلادهم؛ وبعدئذ نرى أربعة رجال يسيرون في نفس الاتجاه، والأخير منهم يتجه برأسه إلى الوراء كما لو كان يتحدث إلى من خلفه، يحمل كل منهم السهم والقوس أما الاثنان وراءهما، فأحدهما ينظر إليه والآخر يلاحظ الطفلين اللذين ركبا حماراً وقد قعدا داخل مخلاة أشبه بحاجز يقيهما شر السقوط. وخلف الحمار ولد تعقبه أربعة نساء تركن الشعر منسدلا إلى الكتفين، وخلفهن حمار آخر محمل بالهدايا، ووراءه رجل يعزف على آلة موسيقية آشورية ذات خمسة أوتار، وآخر يحمل نشاباً بيسراه وعصا بيمناه استعداً للطوارئ. وسار المصريون حفاة الأقدام، على حين كان الآشوريون تلبس نسائهم أحذية من الجلد، ورجالهم يحتذون نوعا من الصنادل فضلا عن إمكان تمييزهم بذقونهم الطويلة.
والصورة - ٢ - تشمل منظرين وجدا بأبي سنبل (القريبة من الدر) الأيمن منهما يمثل رمسيس الثاني على مركبته الحربية التي انتصر بها في حروبه الأفريقية، وهي في شكلها الكلي واضحة التفاصيل، قوية الإحراج، تسجل الناحية الجديدة في الاتجاه الفني لإثبات