للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أصلين يونانيين قديميين أي لون وأي جسم، ربط

لم يكن الداعي إليه كما زعم الكاتب الفاضل عجز لغة واضع الاصطلاح عن إسعافه بلفظ يؤدي المراد. وإلا فقل لي يا سيدي هل عجزت إحدى هذه اللغات الأوربية عن لفظة تقابل لفظة صبغي؟

يخيل إلي أن القاعدة الأساسية التي قامت عليها حركة اشتقاق المصطلحات العلمية من اليونانية القديمة واللاتينية هي التي فاتنا فهمها في مصر. لم يكن عجز اللغات الأوروبية الحديثة ولكن إرادة التخصيص والتمييز لمعان جديدة بينها وبين الألفاظ المتداولة بعض الصلات هو الدافع إلى خلق ألفاظ إذا كانت أعجمية بالنسبة إلى اللغة العربية فهي كذلك أعجمية بالنسبة لغيرها من اللغات الحية، لقد فهم هذا اليابان والروس فاتخذ علماؤهم هذه الألفاظ العلمية التي لا صلة للغاتهم بأصولها اليونانية أو اللاتينية واستعملوها كغيرهم من العلماء. إذن فليس في انحدار اللغة الفرنسية أو الإنجليزية من اليونانية واللاتينية، وليس تلقي الطالب الفرنسي هذه اللغات القديمة في المعاهد ما يفسر تعميم استعمال هذه المصطلحات في أوروبا، فإن شعوب الأرض قاطبة من المغول إلى الصقالبة إلى الجرمان إلى الانجلوسكسون إلى اللاتين جميعها تقول كروموسوم. فهل يراد بعلماء مصر أن ينفردوا عن سكان الأرض طراً ويقولوا صبغي؟ ألا يفسر لك هذا يا سيدي أن كثيرين من أهل الذكر من العلماء في مصر - كما قلت في كلمتك - لم يكونوا على استعداد للتضحية في سبيل اللغة فضنوا بمجهودهم على المجمع. ألا ترى أنهم تبينوا أنه تطلب منهم التضحية من حيث لا محل للتضحية لا للغة ولا لغير اللغة.

قلت لابد أن هذه الحقيقة الأولية حقيقة وحدة لغة العلم قد فاتت أعضاء مجمع اللغة العربية المحترمين، فذهبوا يترجمون لا من الفرنسية ولا الإنجليزية بل من لغة العلم إلى العربية! فإذا كان الباعث الرئيسي الذي دفعهم إلى ذلك هو إرادة استبعاد ما سموه بالألفاظ الأعجمية واستبدلها بألفاظ تسيغها عبقرية اللغة العربية فهم لا شك لن يستثنوا من عملية (التطهير) هذه لفظاً دون غيره.

فإذا كان الأمر كذلك وقد ترجموا كروموسوم بصبغي فقد بقي لدينا عدة مصطلحات أخرى كلها مشتقة من الأصل اليوناني فلدينا مثلاً (كروماتين) وهي كما يعرف الكاتب الفاضل

<<  <  ج:
ص:  >  >>