-: (لست منك يا قزمان إن لم تكن من أهلي وقومي وديني؛ لخير لي أن أفقدك في الجهاد وأنت أحب إلي. . .!)
-: (سلافة!)
-: (سلافة لقزمان البطل المجاهد وليست لك. . .!)
وغادر الفتى فتاته وقد اجتمع إليه هم ثالث، وسار بين البيوت مطرق الرأس، تتناوله نظرات الريبة والحدس. وسمع عجوزاً تتحدث إلى جارتها:(أما سمعت يا عاتكة؟)
-: (ماذا؟)
-: (حسيل بن جابر، وثابت بن وقش؛ إنهما من تعلمين: هل يقوى أحدهما أن يحمل نفسه من الهرم والضعف؟ لقد لحقا اليوم برسول الله يرجوان المثوبة في الجهاد أو الشهادة، وما عليهما والله إن بقيا في الآطام مع النساء والصبيان، وما منهما إلا له اخوة أو ولد في الحرب يكفون عنه. .!)
قالت صاحبتها:(بلى، قد علمت يا أختاه! فهل جاءك أن عمرو بن الجموح لم يمنعه من الحرب أنه يمشي برجل واحدة، وأن له بنين أربعة مثل الأسد يشهدون المواقع مع رسول الله؟)
وسمع الرجل ما تتحد به المرأتان، فكأنما كانت ترجمانه بالحجر فما يستطيع أن يتماسك مما ينهال عليه. واستمر يمشي وكأنما تستعر الحرب في رأسه لا في الميدان البعيد