للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بأن شعاع النور يخرج من العين إلى الجسم المرئي، بل قال بأن شعاع النور يأتي من الجسم المرئي إلى العين. وبحث في كتابه أيضاً في قوى تكبير العدسات؛ ويرى كثيرون إن ما كتبه في هذا الصدد قد مهد السبيل لاستعمال العدسات في إصلاح عيوب العين. وكتب في الزيغ الكرى وفي تعليل الشفق وقال انه يظهر ويختف عند ما تهبط الشمس ١٩ درجة تحت الأفق، وأن بعض أشعة النور الصادرة من الشمس تنعكس عما في الهواء من ذرات عائمة وترتد إلينا فنرى بها ما انعكست عنه. وبين أن الزيادة الظاهرة في قطري الشمس والقمر حينما يكونان قريبين من الأفق وهمية؛ وقد علل هذا الوهم تعليلا عملياً صحيحاً لم يسبق إليه، بناء على أن الإنسان يحكم على كبر الجسم أو صغره بشيئين: الأول الزاوية التي يبصر منها أو زاوية الرؤية، والثاني قرب الجسم أو بعده من العين. وابن الهيثم أول من كتب عن أقسام العين وأول من رسمها بوضوح تام. وقد اعتمد في بحوثه هذه على كتب التشريح التي كانت في زمانه، ووضع أسماء لبعض أقسام العين وأخذها عنه الإفرنج وترجموها إلى لغاتهم. وتقول دائرة المعارف البريطانية إن ابن الهيثم كتب في تشريح العين وفي وظيفة كل قسم منها. وقد بين كيف ننظر إلى الأشياء بالعينين في آن واحد، وأن الأشعة من النور تسير من الجسم المرئي إلى العينين، ومن ذلك تقع صورتان على الشبكية في محلين متماثلين. ولعل هذا الرأي هو أساس آلة الاستريسكوب

وفوق ذلك هو أول من بين أن الصور التي تنشأ من وقوع صورة المرئي على شبكية العين تتكون بنفس الطريقة التي تتكون بها صورة جسم مرئي تمر أشعته الضوئية من ثقب في محل مظلم، ثم تقع على سطح يقابل الثقب الذي دخل منه النور، والسطح يقابله في العين الشبكية الشديدة الإحساس بالضوء، فإذا ما وقع الضوء حدث تأثير انتقل إلى المخ، ومن ذلك تتكون صورة المرئي في الدماغ. وله أيضاً معرفة بخاصيات العدسات اللامة والمفرقة والمرايا في تكوين الصور؛ وكتب في المرايا المحرقة وأجاد في ذلك إجادة دلت على إحاطته الكلية بمبدأ تجمع الأشعة التي تسقط على السطح موازية للمحور بعد انعكاسها عنه وكذلك بمبدأ تكبير الصور وانقلابها وتكوين الحلقات والألوان.

ويظن البعض أن ابن الهيثم لم يشتغل في الرياضيات، مع أن الواقع خلاف ذلك فله فيها بحوث تدل على سعة اطلاعه ونضجه العلمي، فلقد بحث في المعادلات التكعيبة بواسطة

<<  <  ج:
ص:  >  >>