أن نذكر أنه في أواخر القرن الثالث عشر لما قدم الجراح لانفرانك من إيطاليا ودرس مؤلفات أبى القاسم أصدر رأيه في جراحي باريس لذلك العهد بقوله:(يقومون بالعمليات الجراحية مع درجة من الجهل يكاد لا يوجد معها شخص واحد منهم يمكن أن يعد جراحاً حقيقياً! وقد كان أبو القاسم أول من كتب في علاج الأقواس الضرسية (في طب الأسنان) وتشوهات الفم، وأول من ربط الشرايين قبل امبرواز باريه الفرنسي. وقد وصف عمليات تفتت حصاة المثانة وعملية استخراجها بالشق، وتكلم عن مسألة التقيح ووصف الوضع المعروف باسم (وضع والحز) في التوليد، والشلل عقب كسر السلسلة الفقرية، وتكلم بدقة عن إزالة الأجسام الغريبة من الأذن، وأجرى عملية فتح قصبة الرئة وعالج الخراجات الكبيرة - بشقها وتفريغها تدريجاً، واستعمل محلول الملح في علاج الجروح، ووصف علاج الناسور بالكي. وهو أول من استعمل (السنارة) في استخراج الورم المسمى (يوليبوس) وتكلم في موضوع الولادة عن مجيء الجنين في الأوضاع غير المنتظمة، وعن التوليد بالآلات. وهو أول من أدخل استعمال الحرير وأوتار العود بهيئة خيوط للربط في العمليات الجراحية، وتكلم أيضاً عن وقف النزف بالكي، وقد بقي كتاب أبي القاسم في (الجراحة) أساس التعليم الجراحي ومزاولة مهنة الجراحة في أوربا عدة قرون، ونشرت ترجمته في فينا سنة ١٤٩٧؛ وفي سنة ١٥٠٠ كان المعول عليه في تعليم الجراحة في مدرسة البندقية بإيطاليا، وطبع أيضاً في (بال) بسويسرا سنة ١٥٤١
وأما أشهر أطباء العرب الاكلينكيين في الأندلس فهو محمد بن مروان بن زهر الاشبيلي وعرف في أوربا باسم (توفى سنة ١١٦٢) وهو ينحدر من عائلة عربية عريقة أنجبت كثيراً من الأطباء وذاعت شهرته الطبية في جميع الأنحاء. وهو أول من ثار على طريقة جالينوس وابتكر طرقا جديدة تدل على عبقريته؛ وأهم كتبه (التيسير) وفيه وصف شامل لأمراض عديدة. وكان ابن زهر أول من وصف التهاب التامور المصلي وخراج المنصف الصدري وشلل البلعوم والتهاب الأذن الوسطى. ووصف لبن الماعز في الدرن، ويعتبر أيضاً أول عالم بالطفيليات لأنه أول من أتقن وصف حيوان الجرب.
وأما أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد القرطبي (١١٢٦ - ١١٩٨) الطبيب الفيلسوف العظيم فمع أنه بلغ ذروة الشهرة كفيلسوف الإسلام وشارح أرسطو فقد كان له