وقد أخذت أوروبا عن العرب استعمال كثير من الأدوية الجديدة ذات المفعول اللطيف والتي أدخلها العرب في المادة الطبية للعلاج مثل السنا المكي والراوند والتمر الهندي والمسك والقشية والمسن والكافور وجوز الطيب والقرنفل والزعفران والشمر وعرق السوس. وعن العرب أيضا أخذت أوروبا طريقة طلاء حبوب الأدوية بالورق المذهب أو المفضض وتقطير ماء الورد، كما أن أوروبا مدينة للعرب بإدخال الجوز المقيئ في القرن الحادي عشر والأكونيت (خانق الذئب) وشرح تأثير الإِرجوت (الجويدار) والحنظل والقنب الهندي والعنبر. وكان دستور الأدوية (الفارماكوبيا الإسلامية) في إسبانيا يحتوي على أكثر من مائتي نبات جديد لم تعرفها أوروبا من قبل. ولا يزال كثير من الكلمات العربية الأصل مستعملة في الصيدلة إلى اليوم منها الكحول والشراب والقلي والنفط والبازهر (بنزهير) والجلاب
ثم كان من مفاخر المدنية الإسلامية إنشاء المستشفيات في معظم المدن الكبيرة مثل قرطبة واشبيلية وغرناطة وطليطلة وبلنسية ومرسية والمرية ومالقة وغيرها، وكان نظام هذه المستشفيات وإدارتها وتجهيزها تجهيزاً وافياً على نسق لم تعرفه أوروبا في ذلك العهد. وفضلا عن أن هذه المستشفيات كانت مراكز لعلاج الأمراض فقد كانت أيضاً معاهد للتعليم الأكلينيكي وأكاديميات للمعارف الطبية، وكانت مجهزة بمكاتب طبية نفيسة. ويعزى إلى العرب أيضا الفضل الأول في إيجاد المستشفيات الخاصة بذوي الأمراض العقلية ومن أهم تلك المستشفيات ما أنشئوه في بلنسية، وقد شهد جميع مؤرخي الطب بأن للعرب فخر معاملة هؤلاء المرضى بالرفق والشفقة والإنسانية بينما كان (المجانين) في أوروبا يعاملون إذ ذاك كالمجرمين يعذبون ويضطهدون. وقد أعاد جوان جيلابرت جوفريه بناء مستشفى بلنسية للأمراض العقلية عام ١٤١٠
كذلك لما أراد فيليب الثاني عام ١٥٦٦ أن يعيد تنظيم المستشفيات في مجريط (مدريد) أقام على أنقاض معهد سان لازاروا (وكان في الأصل مستشفى أسسه المسلمون) مستشفى جديداً باسم سان جوان دي ديوس، وضم إليه مستشفى دي لاباز للأمراض المعدية ولذوي العاهات.