الكثيرة التي رسخت فيها تلك النظم والتقاليد الإسلامية التي قاموا لمحاربتها: وقد بدأوها بالفعل وأصابوا - لما اغتر المسلمون بقوتهم وضعفها - هذا النجاح الذي أوحى إلى ذلك الكاتب المسلم ما وحى من الكلام.
ومنهم من يحاول إدخال الطمأنينة على قلوب المسلمين المتململين بإيحائه إليهم أن لا ضير ولا خوف على الدين من ترك دعاة ما يسمونه الجديد يبشرون دعوتهم يمينا وشمالا في أذهان الاطفال، وفي عقول النساء والرجال، لأن الحق سيتضح والباطل سينهزم والأصلح سيبقى، وبتركهم يفهمون أن الباطل سينهزم من نفسه، والحق سينتصر على رغم قعود أهله، وأن الدين له رب يحميه؛ وإذن فليس هناك من داع إلى أن يعملوا هم على نصرته أو يكلفوا أنفسهم مشقة الجهاد في سبيله. ويصادف هذا الإيحاء نفوساً تحركها للقيام كتحركها للقعود، فنجنح إلى القعود والراحة مرة أخرى وتترك الميدان خلواً أو شبه خلو لأولئك الدعاة، وهي بذلك تعرض نفسها للهلاك لأن رب الدين حين يحمي الدين يحميه طبق سنته التي خلت في الأولين بإهلاك القاعدين واستخلاف غيرهم من المجاهدين الذين (يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم؛ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء).
وأبلغ في الكيد من هذا إذا أرادوا أمراً وعارضهم حكم الدين أن يشككوا في ذلك الحكم ويزعموا للناس أن ليس في الدين ما يمنع مما يريدون؛ فإذا قيل لهم إن الحكم ثابت عن طريق الإجماع أنكروا الإجماع إن يكون أصلا من أصول الدين، أو طالبوك بأن تثبت انعقاد الإجماع؛ فإذا جئت لهم بالنص على انعقاده تجده في بطون الكتب، جوزوا أن يكون الكتاب قد أخطأ أو أن يكون صاحبه قد كذب، أو احتجوا لرأيهم برأي شاذ لبعض من كان لعله مثلهم في ماضي الإسلام من الخارجين عن جماعة المسلمين. ولو كان الحكم لا يثبت في الدين لرأي شاذ يراه واحد ولو كان من أهل العلم ما انعقدت بيعة أبي بكر، فإن خلاف سعد بن عبادة وهو من كبار الصحابة في أمر تلك البيعة معروف، بل إذا كان الحكم في جماعة ما يمكن تعطيله بمثل حجتهم الواهية هذه ما أمكن تنفيذ حكم أو دستور في أمة من الأمم في هذا العصر أو في أي عصر، ولكان قولهم هذا أبلغ ما يبرر به حكم الفرد، إذ يصير حكم الفرد في هذه الحالة هو البديل الوحيد من الفوضى
فإذا كان في الحكم نص من السنة الكريمة واحتججت للحكم بذلك النص شككوا في السنة