هذه الآيات في دحض الشرك:(وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناماً آلهة! إني أراك وقومك في ضلال مبين. وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين. فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي، فلما أفل قال لا أحب الآفلين. فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي، فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين. فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي، هذا أكبر، فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشكرون، إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض، حنيفاً وما أنا من المشركين). ثم أدار جوته حوارا بين محمد ومرضعته حليمة. كما أنه وضع نشيداً على صورة مقطعات يتناوب إنشادها (علي) وزوجه (فاطمة) بنت الرسول. وهو تصوير رائع لقوة هذا الإنسان المبعوث من عند الله، ووصف شعري لفيض الإسلام وسرعة ذيوعه ودخول القبائل والأمم فيه أفواجا أشبه ما يكون بالنبع في الجبل لا يزال يتحدر من النجاد إلى الوهاد، ويزخر بما ينصب فيه من الروافد فيتسع مجراه وينتظم البلاد الواسعة والممالك العظيمة حتى يبلغ المحيط الأعظم
ولم تزل فكرة هذه الرواية ماثلة في مخيلة جوته حتى وضع مشروعها. وعلى مقتضاه تبدأ الرواية بنشيد ينشده محمد وحده بالليل تحت السماء الساجية، ويشعر بنفسه العاكفة على التأمل والتفكير يسمو صعداً إلى الله تعالى الذي تستمد سائر الكائنات وجودها من وجوده. ويكاشف محمد بهذا الهدى زوجه خديجة فتؤمن به عن طواعية أول المؤمنين. ثم في الفصل الثاني يقوم النبي يناصره علي بالدعوة إلى دينه بين قومه فيلقى العطف من فريق، والمعارضة من فريق، كل على حسب طبعه وما ركب في جبلته. ويقع الخلف بين القوم وتشتد الملاحاة ويضطر محمد إلى الهجرة. وفي الفصل الثالث ينتصر محمد على خصومه ويطهر الكعبة من الأوثان. وتستوي دعوته دينا مقررا، وتجتمع له أسباب الجهاد قولا وفعلا. ويظهر الرجل السياسية إلى جانب الرجل الديني. وفي الفصل الرابع يتابع محمد مغازيه، ويتخذ لها عدتها ويتوسل بوسائلها. وتدس له السم امرأة من يهود خيبر ثكلت أخاها. والفصل الخامس والأخير يبلغ فيه محمد أوج كماله وتتجلى عظمته الروحية. ثم تعاود عقابيل السم فينتقل إلى جوار ربه. . . غير أن هذه الرواية وقفت عند حد المشروع، مما نأسف له شديد الأسف.