الحارة إلى الأشياء الباردة على موجب قانون الصناعة. وإذا كان عذري قد اتضح بأدنى عناية، وبان خطل من عجل في تغليظي من غير ارتئاء، فما ظن الشيخ بأناس يجرون في العالم مجرى الأنجم الزهر، أبصارنا عند بصائرهم تجري مجرى بصر الخفاش عند عيون العقبان في ضوء النهاء، لاسيما المؤيد أبو زيد حنين بن اسحق الذي منح الله البشر علوم القدماء على يده، فذوو العقول إلى اليوم في ضيافته يمتارون من فضله ويعيشون من بره)
ويزعم ابن بطلان أن عمل خصمه تقليل من ذلك الاحترام الواجب لسلف العلماء كابقراط وغيره من جهابذة الفن، كما أن إهمال كتب الأولين تقود ولاشك إلى هلاك المرضى. يؤيد ابن بطلان قوله هذا بما جرى بينه وبين بعض تلامذة ابن رضوان؛ فلذلك ينبغي لابن رضوان أن يعلم الشبان تعليما صحيحاً ولا يشيع (عند الأحداث تخبط الاسكندرانيين في تفاسيرهم وجوامعهم للكتب الست عشر، ومنه اصطفن ومارينوس وجاسيوس واركيلاوس وانقيلاوس وبلاذيوس ويحيى النحوي المنجد البطل المحب للتعب. ولعل الشيخ يتعذر عليه معرفة أسمائهم على الحقيقة بالعربية. وهؤلاء مفسرو كتب الصناعة الطبية ليت شعري كيف يذمهم في عمل جوامع كتب فسروا فصوصها وعرفوا نصوصها) ثم يجيء الفصل الخامس في مسائل مختلفة، والفصل السادس في تصفح مقالة ابن رضوان الهجائية التي قال فيها على سبيل المباهلة أن يسأله ابن بطلان ألف مسالة ويسأله هو مسألة واحدة. ابن بطلان جواباً عن هذه المقالة إن الخطباء والأطباء والفلاسفة لكل واحدة من تلك الفرق طريقة تسلكها في المحاورة، وأورد لكل واحدة من تلك الطرق أمثلة من تاريخ الآداب اليونانية؛ أما طريق ابن رضوان فهو - كما زعمه ابن بطلان - هجاء محض من غير وزن وقافية.
أما السب بقبح الخلقة الذي قد اجترأ ابن رضوان أن يوجهه إلى ابن بطلان فيرده هذا بأوفى الذكاء والفطانة ذاكراً أقوال سقراط وأفلاطون وجالينوس؛ مورداً بعض أعلام الآداب العربية تجردوا من جمال الشكل مثل الجاحظ وعبد بني الحسحاس، وفي النهاية يستفتي ابن رضوان عن خلقه هو نفسه قائلاً: (لو أن رجلاً استفتى بفتوى نسختها: ما يقول الشيخ وفقه الله في رجل أسود اللون، مضطرب الطبيعة والكون، غليظ الشفتين، منتشر المنخرين، جاموسي الوجه، بقري العينين، قليل الأنصاف، محب المراء والخلاف، قلق