للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المشية جهر النغمة، يفتينا في ذلك مأجوراً من الله، للزمه أن يفتي بما نسخته: الجواب ومن الله المعونة: النفس الفاضلة تابعة لأشرف كيفيات الهيولي فهي توجب عن اللون المشرب حمرة وعن التخاطيط الخبيثة الأخلاق الكريمة، وهذه المعددة هي أضداد هذه، فالنفس التابعة لها غير فاضلة، وكتبه علي بن رضوان على مذهب القدماء وبحسب تفسير الصناعة الصغيرة)

وبعدئذ يدافع ابن بطلان عن حنين ابن اسحق فيما يرميه به ابن رضوان، فإن المسألة الوحيدة الجديرة بالاعتبار تتلخص - قال - في اختلاف بين حنين وجالينوس في الظاهر فقط، كما أن الاختلاف بين أبي حنيفة من جهة وبين أبي يوسف ومحمد ابن الحسن من الجهة الأخرى في نكاح الصابئين وأكل ذبائحهم اختلاف الفتوى فقط

أما الفصل السابع والأخير فهو يتضمن فحص مفردات كثيرة من أغلاط ابن رضوان، وينتهي بإنذاره بحساب يوم القيامة (فسأطالبه في الحق إذا جلس الله لفصل القضاء واستغاث المرضى وأشخصوا الأطباء، وحضرت الملائكة الكتبة، وخرست الألسن الناطقة، وشهدت القوارير الصامتة، بدلالتها كأنها على الحالة الحاضرة، وظهر الغلط، واعترف الأطباء بالذي فرط، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. . . وليتحقق أن. . . لنا موقف حساب، مجمع ثواب وعقاب، يتظلم فيه المرضى إلى خالقهم، ويطالبون الأطباء بالأغلاط القاضية بهلاكهم، وأنهم ليسامحون الشيخ كما سامحته. . . ويتحقق أنهم لا يرضون منه إلا بالحق المبين)

لم يتأخر ابن رضوان في الرد على ابن بطلان مرتين. فلما وجد نفسه عاجزاً عن النقض الصحيح لذلك الكتاب رجع إلى أسلوبه الكريه المعتاد. أما الرد الأول فقد عجل تأليفه قبل فحصه كتاب ابن بطلان كله؛ وأما الثاني ففيه تلخيص لكل ما جرى بينهما من وجهة نظر مؤلفه، وغرضه الصريح دعوة أطباء مصر والقاهرة إلى مقاطعة ابن بطلان. يقول ابن رضوان في آخره: (فهذا فيه كفاية في أن تعجبوا من أمر هذا الرجل، وتضحكوا منه وتتركوا مكالمته فيما تستأنفوه منه، ولا تلتفتوا إلى شيء يقوله بل تنزلوه بمنزلة إنسان قد خولط ووسوس، فهو أبدأ يهذر ويهذي فلا يستحق أن يرثى له ولا يرحم قط)

هذا غاية ما يسمح لي الوقت به من شرح تلك المناظرة بين الطبيبين الفيلسوفين. حاصل

<<  <  ج:
ص:  >  >>