معانيها وإنما تقنع بتلقينها الصامت) إذ قيمة اللغة - عندنا - فيما تشير إليه اكثر منها فيما تعبر عنه تعبيراً واضحاً. فالكلمات العرضية التي ترقى إلى العقل وترديد جملة دائمة قد تؤلف شيئاً من الرقية، ولكنها تنتهي دائما بتجميد الشعور. وظل الأشياء يقع رأساً على مخيلتنا ثم يأخذ يدور حول نفسه.
وقامت تجربة أخرى هي تجربة (الشعر الحر) فأن الشعر الفرنسي برغم ثورة الرومانتيقيين فقد ظل يرسف في قيوده وأوزانه، فعمل البعض من الرمزيين على الانطلاق والتحرر منها لاسيما الشاعر (غوستاف كاهن). . . المذهب الوحيد هو الموسيقى الباطنة والتعبير الرومانتيقي كان نوعا من هذه الموسيقى. . . وهنالك أنواع أخرى موسيقية يبتكرها التوليد وتخلقها النفس المستوحية.
مثلان من شعراء المدرسة الرمزية
هنري دي ريني
لم يكن (هنري دي ريني) شاعراً رمزياً إلا لأنه عاش في زمن الحركة الرمزية. ورويدا رويدا عاد إلى شعر فيه الروح المدرسية والبرناسية. وبذلك اختلط عليه الأمر وكان في كثير من مقاطيعه فاضحاً للمعاني الرمزية.
نفس الشاعر تنطلق بكليتها نحو حلم، حلم قصيدة من قصائد الرعاة حيث تجتمع أفراح الحواس والقلب والفن وتمتزج في رقة ناعمة صافية. حلم موطن بعيد يعج بالأشكال الإلهية والأفراح الشاعة ولذائذ الحياة. ولكن النفس الإنسانية نفس قلقة مضطربة والإنسان ابتكر الفكر والعلم والهوى والخطيئة. أراد أن يبدل الحياة وأن يستعيدها. فتحرى عن حقائقها المكتومة قي مظاهرها. وعن بقائها في فنائها وعن هم المستقبل في طرب الحاضر. وهذه تجربة عميقة مبتذلة أوحت إلى كثير من الشعراء والشاعر المدرسي عبر عن هذه الخطرات بأسلوب واضح وأفكار منطقية ولكن في طبيعة هذا الحلم الباطني اضطرابات وتموجات يحس بها قبل أن يبدأ العقل عمله.
فالحلم ينسل بين أمواج الخيالات الباطلة والقلق الراهن، وعواصف الحياة الحقيقية ترفعه من هذه الاضطرابات المفاجئة وتحيطه بظلال سوداء تنزلق. وليس في هذا مطابقات، لأن