بعض العيوب ولكن على سبيل النكتة أو على سبيل الحيلة في التماس الدفاع عن هذا الكاتب الذي ينقده أو الرجل الذي يقدمه إلى الصالون. أما الناقد السكسوني فهو لا يحفل بالأوضاع الاجتماعية وإنما يهجم بك فورا على الحياة الفردية، على الحياة الإنسانية، على الرجل من حيث هو رجل لا من حيث هو فرد من جماعة. ومعنى هذا أن نقد اللاتينيين سطحي مخالف لأصول العلم وان نقد السكسونيين هو النقد العلمي الصحيح الذي تجد فيه الفائدة وتجد فيه الغناء. وأنا احب أن يعذرني الأستاذ العقاد إذا قلت له في صراحة أني كنت أنتظر منه كل شيء الا التورط في هذا الخطأ الصارخ والظلم المبين. فليس من الحق بوجه من الوجوه أن الاختلاف بين النقاد اللاتينيين والسكسونيين عظيم إلى هذا الحد الذي يتصوره الأستاذ. فليس هناك نقد لاتيني ونقد سكسوني، وإنما هناك نقد فحسب. فقد يعتمد على هذا الذوق الفني العالي الذي أحدثته الثقافة اليونانية اللاتينية وورثته عنها الأمم الحديثة على اختلاف أجناسها وبيئاتها. فكل النقاد من الفرنسيين والإيطاليين والألمانيين والإنجليز قد قرأوا آيات البيان اليوناني واللاتيني وذاقوا آيات الفن اليوناني والروماني وكونوا لأنفسهم أو كونت لهم هذه القراءة ذوقا عاما مشتركا بينهم يختلف في ظاهره ولكنه لا يختلف في جوهره لأن هذا الجوهر واحد مستمد من هوميروس وبندار وسوفوكل وارستوفان وأفلاطون وسيسيرون وتاسيت ومن إليهم. نعم وهذا النقد الحديث يعتمد على أصول أخرى غير الذوق، أصول تشبه العلم أو تحاول أن تكون علما وضعها أرسططاليس ومن جاء بعده من نقاد اليونان والرومان وسموها علم البيان. يعتمد النقد الحديث عند الأمم الأوربية مهما تختلف أجناسها على هذين الأصلين: الذوق الذي تكونه الثقافة اليونانية اللاتينية، والعلم الذي وضعه أرسططاليس وأصحابه. وللأستاذ أن يدرس على مهل وفي أناة وروية من شاء من النقاد المحدثين في أي أمة من الأمم الأوربية فسيرى أن هؤلاء النقاد جميعا يتفقون في أن نقدهم يقوم على هذين الأصلين اللذين أشرت إليهما. فإذا اختلفوا بعد ذلك فإنما يختلفون في الأشكال والصور باختلاف أمزجتهم الخاصة وباختلاف البيئات التي يعيشون فيها ويكتبون لها.
عسير جدا أن يقال إذا أن هناك نقدا لاتينيا ونقدا سكسونيا وأن هذين النقدين يختلفان في الجوهر والطبيعة، ثم اعتذر إلى الأستاذ بعد هذا من أني لا أستطيع ولا أظن أن أحداً