ومنذ بضعة أعوام شعرت بعض الجهات الرسمية بأن الجامع الأزهر يدنو من عمره الألفي. وفكرت في أن تحتفل بهذا العيد احتفالا عظيما يتفق مع روعته التاريخية، ووضع بالفعل برنامج لتنظيم هذا الاحتفال. وانتدبت لجنة لوضع تاريخ شامل للأزهر منذ قيامه إلى يوم عيده، ثم وقف المشروع لأسباب غير معروفة؛ بيد أن الذي يثير الدهشة حقاً، هو أن تخطر للقائمين بالأمر فكرة الاحتفال بالعيد الألفي للجامع الأزهر دون أن تخطر لهم فكرة الاحتفال بالعيد الألفي لمدينة القاهرة، مع أن القاهرة تسبق الأزهر في مولدها بعدة أشهر؛ وقد أنشئ الأزهر في الأصل، لا ليكون جامعة للدراسة، ولكن ليكون مسجداً للعاصمة الفاطمية الجديدة وليكون منبراً للدولة الجديدة ومعقلا لدعوتها
فإذا كان مما يحمد أن فكر القائمون بالأمر في تخليد الذكرى الألفية للجامع الشهير، فإن ما يبعث إلى الأسف أن يفوتهم حتى اليوم التفكير في تخليد ذكرى القاهرة الألفية؛ هذه الذكرى الخالدة تدنو بسرعة. فقد وضعت أسس العاصمة الفاطمية كما رأينا في منتصف شعبان سنة ٣٥٨هـ ففي منتصف شعبان سنة ١٣٥٨هـ، أعني بعد نحو عامين ونصف فقط تبلغ القاهرة المعزية عمرها الألفي المديد
وبعد أشهر قلائل من ذلك التاريخ، أعني في جمادى الأولى سنة ١٣٥٩هـ يبلغ الجامع الأزهر عمره الألفي أيضاً، إذا اعتبرنا تاريخ البدء في إنشائه وهو جمادى الأولى سنة ٣٥٩هـ.
وإنه لمن بواعث الفخر حقاً أن يكون تاريخنا حافلا بمثل هذه الذكريات العظيمة التي هي عنوان تراث قومي مؤثل
فعلينا أن نفكر مليا في الاحتفاء بهذين العيدين القوميين الجليلين وإذا كان قد فاتنا حتى اليوم أن نؤلف للاحتفاء بهما اللجان الخاصة، وأن نضع البرامج اللائقة، فإن ما يزال ثمة متسع من الوقت لتحقيق هذه الأمنية؛ ولقد ارتبط اسم القاهرة المعزية والأزهر دائماً حتى أنه ليكفي أن تؤلف هيئة واحدة للقيام بهذه المهمة، فتضع للاحتفال بعيد القاهرة الألفي برنامجا خاصا وتضع برنامجا آخر للاحتفال بالعيد الألفي للجامع الأزهر، يراعى في كل منهما ظروفه ومناسباته الخاصة؛ ومن الطبيعي أن يحتوي البرنامج على وضع تاريخ ألفي شامل لمدينة القاهرة وتاريخ شامل للجامع الأزهر؛ وأن تنظم في العيدين طائفة من المهرجانات