١ - ما روى مالك في الموطأ عن نافع (أن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مره فليراجعها، فليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسكها بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس. فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء)
٢ - وما روى ابن وهب في كتابه الجامع:(قال ابن أبي ذئب أن نافعا أخبرهم عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد ذلك وإن شاء طلق قبل أن يمس. فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء. وهي واحدة)
وهذان الحديثان هما من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم وقد صرح فيها بقوله فليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر ثم إن شاء أمسكها بعد وإن شاء طلق. فلو كان الطلاق الأول الذي طلقه ابن عمر غير واقع لم يكن فائدة لقوله فليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، بل كان ينبغي أن يقول فليمسكها حتى تطهر ثم إن شاء ثم إن شاء طلقها قبل أن يمس، ولا داعي لتعدد الحيض والأطهار
وأعجب للمؤلف كيف يقول:(فلو كانت الروايات التي يحتج بها القائلون لوقوع طلقة ابن عمر في الحيض صحيحة لكان الأمر بمراجعتها تم التربص بها إلى أن تطهر ثم يطلقها إن شاء الله في الطهر الثاني قبل أن يمس - أمراً بإطالة عدتها زمناً أكثر مما أريد من الرفق بها) أعجب له لأن التربص بها إلى أن تطهر الأطهار المعدودة في الحديث ثم يطلقها إن شاء هو مناط الحكمة في تفريق الطلاق (لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً) وليس لإطالة عدتها بل لاحتمال رجوعه عن إرادة الطلاق فيما بعد. أما الطلاق الأول فقد وقع والتربص عدة حيض وإطهار كما في الحديث دليل على وقوعه، وإلا فهو حر في طلاقها حين تطهر الطهر الأول. وقوله في الحديث وإن شاء طلق قبل أن يمس فيظهر أنه إن شاء طلاقاً ثانياً، ولا ينافيه قوله بعد ذلك (وهي واحدة) لأن الضمير فيها للطلقة الأولى المفهومة من سياق الكلام والتي هي محط السؤال، فلا جرم يكون الجواب عنها بالإضمار ولا يمتنع