للأساتذة: محمد عطية الأبراشي، محمود السيد عبد اللطيف،
حسن محمد جوهر
القصة ضرب من الأدب الرفيع تتجمع بين رقيق النثر ورشيق الشعر، فلها من الشعر سحره وجماله، ومن النثر ترسله وانسجامه، يسير سلساً كالماء ساعة الأصيل رقراقاً كالنسيم العليل، لا تقف في طريقه جنادل الأوزان، ولا يغل بأغلال القافية، وقد صيرت وزارة المعارف القصة أساساً من أسس التعليم في منهج المدارس الابتدائية ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، وتنافس الكتاب في إصدار القصص، فهذه قصة تاريخية، وتلك جغرافية والأخرى أدبية، والتلاميذ يستسيغون جميع ذلك
وبينا نحن نتمنى للقصة (في أفق المدارس) الكمال والسلامة من زيف الخيال، وزيغ المطابع والأقلام برزت الحلقة الأولى من حلقات (أحسن القصص) لأساتذة أمجاد بارعين فإذا هي مزيج من الأدبين العربي والإفرنجي، وصلة بين الخيالين الغربي والشرقي في أسلوب هو - كما يقولون - السهل الممتنع، والقريب البعيد، وإذا كان هذا أول الغيث، فإنه غيث ممرع، وصيب بالخير مترع، فالحلقة خالية من التكلف والصنعة مفعمة بالروعة والمتعة، قد أنفق عليها مؤلفوها عن سعة إيماناً بفنهم واطمئناناً إلى آثارهم، فالغلاف جميل أنيق يحدثك دون قراءة عنوانه أنه قصة، وتنطق ريشة المصور بأنها ساحرة، والورق ناصع، والطبع صاف دقيق والصور خلابة، وإن بدأ القارئ أن الكتاب في غنية عن التصوير؛ فقلم كاتبه أفصح من ريشة مصوره، وسحر عبارته آخذ من دقائق صورته.
يشتمل الكتاب على أربع قصص: قصتين عربيتين وأخريين مصريتين، تلمس في الأولى حياة العرب في حضارتهم وجدهم في دعتهم، ومزحهم في حكومتهم، وسماحتهم في ضيافتهم، وتقرأ في الثانية مثلاً لحقد المرأة، وآخر للحب الظافر، وفي الثالثة وصف محكم للصحراء وجوها وللواحات وثمراتها، ولصبر البدو وعزمهم ووثباتهم على العقبات في جلد وصرامة، وتنتظم الرابعة مواقف محرجة سهلة الابتداء عسيرة الانتهاء، وفيها مثل نبيلة للحنو والعطف.