للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان اقل الناس انخداعا بما يتحدث به الأدباء عن أنفسهم وبهذه الصور الخلابة التي يعطونها لحياتهم فيما ينشئون من شعر أو نثر، فكان يبلغ بذلك أقسى القسوة. فليقرأ الأستاذ إن أراد أحاديث الاثنين وليقرأ الصور وليقرأ كتابه عن شاتوبريان وأصحابه وليقرأ كتابه عن بورويال وتين؟ ماذا يقول الأستاذ عنه؟ أكان صاحب أناقة ولباقة واعتماد على الأوضاع الاجتماعية وهو الذي أنفق جهدا عنيفا ليقيم النقد الأدبي على أساس من العلم؟ وقد قرأ الأستاذ من غير شك لا أقول كتبه في نقد الفرنسيين بل أقول كتابه في تاريخ الأدب الإنجليزي.

زعموا أن بشاراً سئل عن جرير والفرزدق أيهما أشعر؟ ففضل حريرا وقال فيما قال أن النوار امرأة الفرزدق فبكاها النائحات برثاء حرير لامرأته:

لولا الحياء لعادني استعبار ... ولزرت قبرك والحبيب يزار

فليسمح لي الأستاذ أن اذكره بأن الإنجليز أنفسهم لا يزالون يعتمدون إلى الآن على كتاب تين في تاريخ الآداب الإنجليزية ومع ذلك فليس أدبهم في حاجة إلى من يؤرخه من الأجانب.

وبرونتير ماذا يقول فيه الأستاذ؟ أكان صاحب أناقة ولباقة وظرف وصالونات وهو أقل النقاد الفرنسيين حظا من هذا كله، وهو أول من حاول أن يقيم النقد الأدبي على مذهب دروين في تطور الأنواع وفي النشوء والارتقاء. وأميل فاجبه ولنسون وبيدييه وجول لمتر واناتول فرانس وبول بورجيه وبول سودي والنقاد الذين لا يزالون يملئون الصحف والمجلات الكبرى في فرنسا نقدا في الأدب والفن، ما بال الأستاذ لا يقرؤهم ليتبين أحق أن النقد اللاتيني يعتمد على الأناقة واللباقة والأوضاع الاجتماعية والتماس والنكتة.

لقد فرغت الآن من قراءة فصل للكاتب الفرنسي مارسل دوشومان في مجلة العالمين التي صدرت في أول يناير لو قرأه الأستاذ لعرف أن النقد الفرنسي أبعد ما يكون النقد عن لهو الصالونات وظرفها. في هذا الفصل يحاول الكاتب أن يهدم أسطورة آمن بها الأدباء جميعا عن حياة شاتوريان كانت تصور دعابته ولهوه وكان هو قد انتهى في آخر حياته إلى تصديقها والتخييل إلى الناس أنها قد وقعت بالفعل فإذا الكاتب يثبت بالأدلة القاطعة أن هذه الأسطورة لا تعتمد على أساس ويعتذر إلى القراء لأنه أضاع عليهم قصة غرامية كانوا

<<  <  ج:
ص:  >  >>