مما يذرع به الأناسي خطو الليل والنهار
تردى الأثيم هزيلاً بصحبة شيعته
يتقلب في حمأة الجحيم، لعيناً خالداً في لعنته؛
ثم قضى نحسه أن ينال من غضب الله المزيد
فأخذت تضنيه لوعة النعيم المفقود، وتشقيه لذعة العذاب الموجود، وطفق يجيل البصر
الذي يقدح الشرر
والذي شهد ما شهد من أليم الكرب والكدر
وفي نظراته الغرور العنيد والمقت الشديد
فسرعان ما رأى - ما وسع الملائكة النظر -
رأى ما حوله موحشاً قفراً يبابا
ورآه في جب مخيف التهبت جوانبه التهاباً
كأنه أتون سحيق مستعر، ناره لا تبعث النور،
فإن هو إلا ظلام منظور كأنما أضيء ليضيء
مشاهد الغم ومطارح الهم وأشباح الأسى
حيث الدعة والسلام لا يجدان مقراً
وحيث لا يشرق الأمل الذي يشرق على العالمين أجمعين،
فهو ما ينفك يصلى عذاباً مقيما وطوفاناً من حميم
تغدو لظاه شواظ أبدا تذكو ولا تخبو
فذلك مستقر أولئك العصاة كما أراده عدل الإله
حيث أعِدَّ لهم سجن محلولك داج
مُقامهم فيه ينأى عن الله وعن نور السماء
ثلاثة أمثال ما ينأى قلب الأرض عن قطبها الأقصى
فيا بعد مأواهم عن الذي كان منه مهواهم!
وهنالك سرعان ما شهد الأثيم رفاق هُوِيه
يحتويهم الطوفان وتغمرهم الأعاصير ونار السعير؛