للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ورأى إلى جواره يتلوى من يتلوه سلطاناً وعصياناً

ومن عرفته أرض القدس بعدئذ باسم (إبليس)

فاتجه إليه كبير أعداء الله:

من سُمَي في السماء منذ ذلك الحين (شيطانا)

وألقى عبارة جريئة دوت في ذلك السكون الرهيب، فقال:

(أفأنت هو؟ - إذن يا ويلتاه! لشد ما زللت وما تبدلت! -

ألا إن كنتَ مَنْ في دار النور والنعيم

كان متشحتً بهالة من سنيِّ الضياء

أخمدت بسناها الألوف من مشرق الوجوه -

لئن كنتَ من وشجني به يوما

تبادل العهد، واجتماع الرأي والكلمة، واتحاد الأمل،

وآصرتنا غمرات هذا المطلب الجليل،

فهاهي ذي أواصر الشقاء توشج اليوم بيننا، فتوُحدُ هلكنا.

أفرأيت إلى أي هاوية أوينا، ومن أي الذرى هوينا؟

ألا إن الله في غضيته، ساق الدليل على رجحان قوته؛

فَمنْ قبلئذ كان يدري كم تبطش تانك الذراعان العَتِيَتان؟

ولكنيِّ على ذاك لست بنادم، وإن صَبَّ علينا (الظافر) القادر

ما استطاع في سورته من صنوف العذاب

فعزمي الصمم لن يحول، وإن حال مني رونق الإهاب؛

ولن أبدل ما أثاره حقي الهضيم في نفسي من أبي الكبرياء

التي سموت بها فنازلت (أقوى الأقوياء)

واستَعْدَيْتُ معي في النزال عرمرما

من (الأرواح) شاكي السلاح

الذين استبسلوا فكانوا على حكم الله مارقين،

وآثروني من دونه، ثم قارعوه جبروتا بجبروت

<<  <  ج:
ص:  >  >>