للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

غير أنه ينبغي أن نلاحظ أن البقرة الخالدة التي هي عند بعض العامة زوجة رع وعند البعض الآخر منهم أمه ليست إحدى هذا البقر الذي يدب على الأرض، وإنما هو تصوير لكائن عظيم كثير الخصوبة والإنتاج لا أكثر ولا أقل. وهذا الفريق الأخير الذي يرى أن البقرة الخالدة هي أم رع يعتقد أنها واقفة في الجو، وأن رع يتنزه في فلك من الذهب يسبح فوق ظهرها كل يوم من الشرق إلى الغرب على مرأى من الناس جميعاً. ولما أدركته الشيخوخة، وكانت أعضاؤه من ذهب، وعظامه من فضة، فقد طمع البشر في أن يستولوا عليه وأخذوا ينظرون إليه بعين الشراهة، فشاكته منهم هذه الجرأة الوقحة وصمم على عقابهم، ولكنه أبى أن يستبد بإصدار هذا العقاب فدعا مجلس الآلهة للانعقاد وعرض عليه هذه القضية، فأشارت عليه أمه بأن يبعث فيهم الآلهة (هاتور) تريق دماءهم وتقطع أعناقهم جزاء وفاقا لوقاحتهم وطمعنه في الآلهة؛ وقد كان، فنزلت الآلهة هاتور مقتلة مدمرة حتى ملأت سطح الأرض دماء، وكانت ستظل على هذه الحال حتى تبيد جميع العنصر البشري لولا أن أخذت الإله الشفقة على الإنسان من جديد، فصمم على العفو عنه، ولكنه لم يستطع إقناع (هاتور) الجبارة بالعدول عن خطتها التي كلفها بها مجلس الآلهة فاحضر لها عصيراً أحمر من بعض الفاكهة وأنباها بأنه من دماء البشرية التي تحقد عليها فشربته مسرورة ولم تعد تميز شيئاً، وبهذا وقف القتل والتدمير

وبعد أن كف رع حركة القتل عن بني الإنسان أحس بتقزز من استمراره في الحكم مع هذه الشيخوخة فاعتزل السلطة آسفاً محزوناً على الشباب وقوته. وقد انتهزت (ايزيس) هذه الفرصة الذهبية فاتجهت إلى رع وأنبأته بأنها تستطيع أن تعيد إليه الشباب على شرط أن يكشف لها عن اسمه الأعظم الذي لا يعرفه إلا هو. وما زالت به تغريه حتى حصلت على بغيتها التي كانت تعلم أنها تنيلها كل فرصة، للتصرف في الكون ثم مرت هذه السلطة بالتتابع إلى الآلهة (سو) فـ (جيب) فـ (أوزيريس) فـ (هوروس) ففرعون؛ وبهذا استطاع الشعب أن يؤول عقيدة الخاصة في ألوهية فرعون (ولعل القارئ لا تخفى عليه فطنة أولئك العامة الذين حينما رأوا الخاصة يؤلهون فرعون، ابتدعوا لذلك مبررات لبقة تسير في طريق منسق من رع إلى فرعون

نظرية الفكر المصرية أو أصل المثل الأفلاطونية

<<  <  ج:
ص:  >  >>