للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

على عدة أرواح تسمى إحداها: , أي الروح، والثانية: , أي النفس أو العقل. والثالثة (دوبل) وهي صورة صيغت من مادة أدق من مادة الجسم، ولكنها على هيئة الجسم تماما والرابعة: (الكا) وهي الجوهر الخالد الموجود في الإنسان وفي كل إله، وهو سر الحياة وسر السمو.

وتمتاز (الكا) عند المصريين عن بقية شخصيات النفس بأنها تظل في عالم السماء ما دام الإنسان في الحياة، فإذا مات اتصلت به اتصالاً وثيقاً يجعله غير قابل للزوال. أما الروح فإنها تظل مترددة على الجسم في قبره كما أسلفنا. حتى إذا ما فاز الميت برضى (توت) انكشفت أمامه كل أسرار الحياة وأصبح لا فرق بينه وبين الأحياء إلا انهم يسيرون على الأرض وهو نائم في قبره. ومن أسباب هذا الرضى أن يتعبد الشخص في حالة حياته بتلاوة كتاب توت وأن يوصي بوضعه معه في قبره إذا أمكن ذلك، وفي هذا المعنى تقول الأسطورة المصرية (أن كتاب توت الذي كتبه الإله بيده، والذي لا يحتوي إلا على عزيمتين اثنتين والذي اشتمل على جميع كلمات الخلق والتكوين المقيدة للآلهة أنفسهم، إذا حصلت عليه ثم تلوت القسم الأول منه سحرت السماء والأرض وعالم الليل والجبال والبحار وفهمت لغة الطير واستطعت أن ترى الأسماك في أغوار الأنهار، لأن قوة خفية تصعد بها على وجه الماء؛ وإذا تلوت القسم الثاني من هذا الكتاب فانك بعد أن تصير في القبر تعود إلى شكلك الذي كنت عليه في حال الحياة وترى الشمس حينما تشرق والقمر حينما يظهر).

وكان المصريون يعتقدون أن الروح وهي في عالم الآخرة تظل مفتقرة إلى ما يقدمه إليها الأحياء من طعام وشراب في الضحايا والقرابين، وأنها إذا تركت بدون هذه الضحايا يؤلمها هذا الإهمال كما يؤلم الأحياء. ولا ريب أن هذه العقيدة تدل للوهلة الأولى على مادية المصريين. وقد استند بعض الباحثين إلى هذه الأسطورة ومثيلاتها من ترك المصريين ثغرة للروح تمر منها، ومن قولهم بافتقار الروح إلى مأوى مادي تقيم فيه كالمومياء والتمثال، فجزموا من كل هذا بأنه إذا كان للمصريين فلسفة فأنها مادية ساذجة؛ وهو قول بعيد عن الصحة بعد العدم عن الوجود، لأن للنفس عند المصريين عدة شخصيات، فإذا كانت إحدى هذه الشخصيات مادية تأكل وتشرب بعد الموت من الضحايا والقرابين وتحتاج

<<  <  ج:
ص:  >  >>