وكانت نعيمة تعرف أن له أن يخرج الخدم، فقالت وهي ذاهلة (كيف؟ ماذا تعني؟)
وكانت تعلم ماذا يعني، وتقرأه في عينيه، ولكنها كانت تؤثر الطرد والجوع على هذا. . كلا. . أبداً
فقال (إنك تعرفين ما أعني. . لقد رقدت على هذا السرير مرة. . ارقدي عليه مرة أخرى)
ففزعت وإن كانت تعلم مراده، وصاحت به (أبداً. . مستحيل)
ولكن حسن حملها كالدجاجة بين ذراعيه، وألقاها على السرير، وركع أمامها، وأهوى بشفتيه الغليظتين على غلالتي شفتيها الرقيقتين، وكانت يداه قاسيتين، وكانتا تجرحان جسمها الغض، وهي تحاول أن تتفلت منه، وهو يشد عليها؛ وهمت بأن تصرخ فوضع كفه على فمها، وأخرسها، ثم تناول ثوبها عند صدرها وجذبه فتمزق وتعرى صدرها فأكب عليها كالمجنون، فلم تعد تطيق الصبر، وفضلت أن تخسر عملها، وأن تتضور وتتسول في الطريق، وأطلقتها صيحة مجلجلة خليقة أن تجمع عليهما كل من في البيت فانتفض حسن قائماً وصاح بها بدوره (إنك مطرودة. اخرجي)
وشرع يخرج من الغرفة بسرعة قبل أن يجيء أحد على صوتها، وإذا بسيده في الباب.
وقال جميل بك (ما هذا)؟
فقال حسن:(سيدي. . لقد رأيت نعيمة ترقد على هذا السرير؛ ولم يكفها هذا، بل أراقت زجاجة العطر. .)
ولكن جميل بك لم يكن يسمع شيئاً مما يقول حسن، وإنما كان ينظر إلى نعيمة، وهي واقفة في هذا الثوب الذي صار هلاهيل، وكانت تجمعه بيديها على صدرها لتستره. ولكنها لم تستطع أن تستر منه إلا قليلاً. . والتفت جميل بك من نعيمة المطرقة المتقدة الوجه من الحياء إلى هذا الخادم النذل وصاح به:(اخرج فإنك أنت المطرود. .)
فخرج وظهره مقوس
ثم التفت جميل بك إلى نعيمة وقال (إني آسف لما حصل. لم أكن أتصور أن هذا الرجل الذي ائتمنته وحش. . . فلننسه. .)
فأدارت نعيمة وجهها إلى حيث أريقت الزجاجة وقالت (لقد سقطت مني. . أريقت كلها ولم يبق فيها ولا قطرة)