بأنهم لا علاقة لهم بالثائرين من مواطنيهم؛ وخرج منديخار من غرناطة بقواته في ٢ يناير سنة ١٥٦٩ تاركاً حكم المدينة لابنه الكونت تنديلاً، وعبر جبل شلير (سييرا نفادا) وسار تواً إلى أعماق البشرات حيث يحتشد جيش الثوار؛ وكان محمد ابن أمية متحصناً بقواته في آكام بوكيرا الوعرة، وكان الموريسكيون رغم نقص مواردهم وسلاحهم قد حذقوا حرب الجبال ومفاجآتها. فما كاد الأسبان يقتربون منهم حتى انقضوا عليهم، ونشبت بين الفريقين معركة عنيفة، ارتد الموريسكيون على أثرها إلى سهول باترنا، وتخلف كثيرون منهم ولاسيما النساء، ففتك الأسبان بهم فتكاً ذريعاً، وحاول منديخار أن يتفاهم مع الثائرين على العفو وأن يخلدوا إلى السكينة، وبعث إليهم بعض المسالمين من مواطنيهم، وكان محمد بن أمية يميل إلى الصلح والتفاهم، ولكن المتطرفين من أنصاره ولاسيما المتطوعين المغاربة رفضوا الصلح، فاستؤنفت المعارك، ورجحت كفة الأسبان وهزم الموريسكيون مرة أخرى، وفر محمد بن أمية وأسرت أمه وزوجه وأخواته؛ وأصيب الأسبان بهزيمة شديدة في آكام (جواخاريس) ولكن الموريسكيين آثروا الارتداد؛ وقتل الأسبان من تخلف منهم أشنع قتل. وكان ممن تخلف زعيم باسل يدعى (الزمار) أسره الأسبان مع ابنته الصغيرة وأرسلوه إلى غرناطة حيث عذب عذاباً وحشياً إذ نزع لحمه من عظامه حياً، ثم مزقت أشلاؤه؛ وهكذا كانت أساليب الأسبان ومحاكم التحقيق أزاء العرب المنتصرين
واختفى محمد بن أمية مدى حين في منزل قريبه (ابن عبو) وكان من أنجاد الزعماء أيضاً. وطارده الأسبان دون أن يظفروا به. على إن هذه الهزائم الأولى لم تفل عزم الموريسكيين فقد احتشدوا في شرق البشرات في جموع عظيمة وأخذوا يهددون المريه، فسار إليهم المركيز (لوس فيليس) على رأس جيش آخر، ووقعت بين الفريقين عدة معارك شديدة قتل فيها كثير من الفريقين، ومزق الموريسكيون، وفتك الأسبان كعادتهم بالأسرى وقتلوا النساء والأطفال قتلاً ذريعاً
وقعت في نفس الوقت في غرناطة مذبحة مروعة أخرى فقد كان في سجنها العام نحو مائة وخمسين من أعيان المريسكيين اعتقلوا رهينة وكفالة بالطاعة فأذاع الأسبان أن الموريسكيين سيهاجمون غرناطة لإنقاذ السجناء بمؤازرة مواطنيهم في البيازين؛ وعلى ذلك صدر الأمر بإعدام السجناء فانقض عليهم الجند وذبحوهم في مناظر مروعة من السفك