يخيل إلينا أن الذي ترجم الجزء الأخير من الكتاب ليس هو الذي ترجم الجزء الأول منه
(١٧) قال المؤلف في معرض تبرير الرشا التي كان سمو الخديو يدفعها إلى رجال السراي
وهي عبارة معناها (إذا كان العالم لا يرضى عن تشجيع الرشوة) ولكن الأستاذ صروف ترجمها بهذه العبارة الغامضة التي لا يفهم لها معنى وهي (إذا كان العالم لا يرضى عن تشجيع ما يثير)
(١٨) ولينظر القارئ أيضاً إلى العبارة الآتية التي يذكر فيها المؤلف ما أنفقه سمو الخديو على التعليم
ومعنى الواردة في هذه العبارة هو إطعام التلاميذ الفقراء وهو معنى عادي لهذه الكلمة ذكر في القاموس صراحة بلفظ ومعنى العبارة إذن هو (نعم إن كثيراً من هذا المال ينفق على طعام التلاميذ الفقراء ولباسهم) ولكن الأستاذ صروف غفل عن ذلك فترجمها (المجلس) وأفسد معنى العبارة إذ قال (نعم إن جانباً كبيراً من هذه المبالغ استنفده المجلس) ولا ندري أي مجلس يريد. ولماذا لا يرجع الأستاذ للقاموس ليعرف معنى العبارات التي يشك فيها؟
ننتقل بعد هذا إلى أسماء الأعلام الواردة في الكتاب فنقول إن الأستاذ حرفها بل بدلها تبديلاً لم نر له نظيراً في كتاب من كتب التاريخ
إن أكثر ما يؤلم المصححين والمراجعين في دار الكتب المصرية عندما ينشرون كتاباً من الكتب العربية القديمة المخطوطة هو ما يجدونه في أسماء الأعلام من تحريف؛ وإذا علمت أن معظم هذا التحريف الذي يلاقونه إنما ينشأ من اختلاف في وضع نقطة على حرف بدل حرف أو حذفها أو نحو ذلك وأنه مع هذا يسبب لموظفي هذه الدار عناء ليس بعده عناء لأنهم يريدون أن يخرجوا للجمهور كتباً صحيحة مضبوطة، إذا علمت ذلك أيقنت أنه من حق القراء على الكتاب والمترجمين أن يتحروا الحقيقة فيما يكتبون وأن يتأكدوا من صحة الأسماء التي يكتبونها لهم. إن الأشخاص في التاريخ هم المحور الذي تدور حوله الحوادث وهم بمنزلة أحجار البناء فيه، فإذا كانت أسماؤهم خاطئة وبعيدة كل البعد عن الصواب فسد البناء كله. والأستاذ صروف لسبب ما لم يتجر صحة الأسماء فأخطأ في كثير منها خطأ لا