فدع أنهم ينسون أن يرجعوا إلى وقائع قائد مثل يوليوس قيصر أو الاسكندر المقدوني أو جنكيز خان قبل أن يرجحوهم في فنون الحرب على فوش وهند نبرج ومصطفى كمال ولو انهم رجعوا إلى تلك الوقائع لما أكبروا من شأن الانتصار فيها كل ذلك الإكبار
ودع أنهم ينسون أن كل حرب لابد فيها من ظافر ومن مهزوم، وإن الظفر وحده ليس بشيء إن لم ننظر معه إلى عوامله ودواعيه وتتبين أنها صالحة للتكرار في كل وقعة وكل حين
ودع أنهم ينسون أحكام المصادفات والعوارض وأنها تندر في الزمن الحديث وتكثر في الزمن القديم
دع هذا جميعه فقد يكون في نسيانه بعض أعذار لمن ينسونه، ولكن كيف تراهم يجارون الأقدمين في مبالغاتهم عن هؤلاء العظماء وهي قائمة على دعاوي وأكاذيب نحن على يقين من بطلانها كل البطلان؟ ألم يكن هؤلاء العظماء أربابا وأنصاف أرباب وقديسين في رأي الأقدمين؟ فكيف نقابل بينهم وبين خلفائهم في عصرنا قبل أن نسقط في الميزان تلك المبالغات وتلك الدعاوي والأكاذيب؟ إن هذا لخليق أن يضيف إلى فضل المتأخرين لا أن يغض منه ويحيف عليه، لأنهم وهم آدميون ليس إلا يوضعون في الميزان أمام أرباب وأنصاف أرباب!
ليس في تاريخ بني الإنسان منذ بدايته إلى يومنا هذا عصر يعرض لنا من عجائب الحوادث والأمم والأفراد مثال ما يعرضه لنا العصر الذي نحن فيه
ليس في تاريخ بني الإنسان عصر برز فيه من البطولة والمغامرة والدهاء والقدرة والصبر على النصر والهزيمة مثل ما برز أمامنا في الحرب العظمى
وليس في تاريخ بني الإنسان عصر تولى فيه عروش القياصرة والخواقين والأكاسرة وقبض فيه على أعنة السلطان رجال من (أبناء الشعب) كمصطفى كمال ورضا بهلوي وستالين وموسليني وهتلر وكابللرو وكارديناس. فماذا عندنا من الأدلة على إن العصاميين في الزمن القديم كانوا أعجب وأدنى إلى البطولة في صنيعهم من هؤلاء؟
وليس في تاريخ بني الإنسان عصر واحد عرض لنا من نخوة الحب وفروسية العاطفة مثل