مذعورة ترين حولك فراشة بيضاء تؤنسك بطنين أجنحتها الصغيرة
ومتى أقبل عيد (جايا) وترنحت عذارى الهيكل مخففات بأنغامهن العذبة وحشة حياتك، سأهربق نفسي في تلك الأنغام حتى إذا لامست قلبك محت عنه كل الأحزان
وإذا جاءتك خالتي حاملة إليّ هدية جميلة وسألتك أين طفلك يا أختاه فإني أذوب شوقاً إليه. . . فأجيبي أختك يا أماه بأني توسدت عينيك، وامتهدت روحك التي لا يستطيع أن يلحدها الموت)
أجل. . . إن في هذه القطعة الفاتنة التي يسأل فيها - رابندرانات طاغور - أمه الطبيعة عن كيفية مجيئه إلى هذا العالم
نعم إن فيها عصارة من جيد الشعر لا تأتي بمثلها إلا نفس انحدرت إلى قلب الحياة حيث التقطت كل ما فيها من ألم وبؤس، وفرح وسعادة، وابتسامات ودموع. . . ولعمري إن نفساً تنتهي بك إلى هذا الحد العميق لهي نفس جبارة تجابه الدهر بشعاعها الوضاح، فتملأ الأيام هيبة وجمالاً، والليالي سحراً ونوراً!!
مناجاته
وطاغور شاعر عالمي قبل كل شئ. فإن آراءه أصوات مرتلة تلعب بالقلوب والمشاعر، وتحمل الإحساس على أجنحة من الخيال، فترود به معالم الخلود وتغذيه بمواد الجمال الأزلي، وتطبعه بطابع الجمال الإلهي
ومما يمتاز به طاغور هو أنه شاعر متصوف كثير التأمل، عميق المناجاة. وإن الإنسان لبحار عندما يقرأ قطعة له فيرى المعاني موشحة بغلاف رقيق من الفلسفة الوجدانية. وقد نجح تصوفه أخيراً إلى حد أصبح يحب فيه أن يرى الله في كل مكان تحتضنه عيناه، فهو يود أن يشاهده في الوردة الخضراء، وفي طلعة الفجر، وفي مغرب الشمس، وفي سكون الليل، وفي سر الموت والحياة
نجوى
(ألا شرفني يا إلهي، وجرد حياتي من تلك المساوئ المعيبة التي تسود دائماً ابن الطينة. ضعها تحت رعايتك، وأخبئها بين ظلال الموت والنور، أو في مكمن الليل بين نجومك. ثم