انحطاط المرأة العربية سالف الذكر، حين وليت شجرة الدر عرش مصر، حتى بعث الخليفة العباسي يوبخ أمراء مصر ويتوعدهم بالويل والثبور، إن لم ينضحوا ذلك العار الذي يبقى في الأجيال، على حين لم يحرك أسلافه ساكناً يوم ولى نفسه العرش عبد خصي، كان يبرى بظفره القلم.
وأثر المرأة الإنجليزية في الأدب تبعاً لرقي منزلتها الاجتماعية جليل، يزداد وضوحاً وشمولاً على تقدم العصور: فهي تبدو في قصص تشوسر تشارك الرجال أعمالهم، وفي درامات شكسبير مثالاً للقدرة الفائقة أحياناً، وموضعاً للحب والتقديس تارة، ورمزاً للطهارة والوفاء طوراً، وفي أشعار شكسبير ومعاصريه ومن جاءوا بعده من كبار شعراء الإنجليزية نسيب حار العاطفة سامي النظرة، وفي القصص والشعر دراسات لشتى الشخصيات النسوية، وفيهما تمجيد للجمال وتبجيل للمرأة، ويتوسل إليهما بسرد خرافات الإغريق وبطلاتهم وإلاهاتهم، وأساطير القرون الوسطى، سرداً شعرياً خيالياً؛ وضربي المرأة في إنشاء الأدب بسهم وافر فكان من النساء شواعر وقصصيات بارين فحول الرجال.
ويبدو أثر المرأة الإنجليزية في المجتمع والأدب الإنجليزيين على أوضحه في القصة: فقد كان للمرأة الفضل الأول في ظهور هذا الضرب من الأدب، فعلى أيدي اديسون وستيل اللذين اهتما بتثقيف المرأة وتنقية المجتمع ظهرت بذور القصة، ولما أخذت القصة شكلها الاجتماعي الحديث في القرن الثامن عشر، كان للمرأة دور رئيسي في حوادثها، ولولا اختلاط المرأة الإنجليزية في المجتمع ومساهمتها في الحياة لما نمت القصة، ولا وقفت على قدميها، وقد جاء نموها وذيوعها مصاحباً لنهضة المرأة وازدياد حظها من التثقف. ولما بلغ ذلك الرقي الاجتماعي غاية بعيدة في القرن التاسع عشر، بانتشار الديمقراطية وذيوع التعليم العام، نبغت جمهرة من كبريات القصصيات بارين كبار قصصيي العصر الحديث، وفي مقدمتهن جين أوستن وشارلوت برونتي ومزجاسكل
والقصة ضرب من الأدب يلائم طبع المرأة أكثر مما يلائمه نظم الشعر الذي هو أشبه بالرجل، لأنه يحتاج إلى قوة وفخامة وشمول نظرة لا تتسق كثيراً للمرأة، التي إنما صفاتها الدماثة والدعة، أما القصة التي تدرس الحياة الاجتماعية وتصف الحركات والسكنات، وتحصي التفاصيل وتتبع الحوادث وتسرد ما قيل وما فعل، فتجد فيها المرأة خير مجال