للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أقصى ما يبلغ إليه التسامح. فإذا أدخل الإسلام بلداً تحت ظلاله خلى بين المحكومين وبين حريتهم الدينية، وما يكلفهم إلا بجزية يؤدونها صيانة لأنفسهم ومحافظة على أمنهم في ديارهم وذوداً عن عقائدهم ومعابدهم

لهم ما لنا وعليهم ما علينا

من آذى ذمياً فليس منا

إن المسلمين يسعى بذمتهم أدناهم

ذلك هو شعار الإسلام في معاملة الذميين.

روى البلاذري في فتوح البلدان أنه لما جمع هرقل للمسلمين الجموع، وبلغ المسلمين إقبالهم إليهم لوقعة اليرموك ردوا على أهل حمص ما كانوا أخذوا منهم من الخارج، وقالوا قد شغلنا عن نصرتكم والدفاع عنكم فأنتم على أمركم. فقال أهل حمص: لولايتكم وعدلكم أحب إلينا مما كنا فيه من الظلم والغشم ولندفعن جند هرقل عن المدينة مع عاملكم ونهض اليهود وقالوا: والتوراة لا يدخل عامل هرقل مدينة حمص إلا أن نغلب ونجهد، فأغلقوا الأبواب وحرسوها.

من ذلك ترون أن الجزية كانت تؤخذ مقابل الدفاع

يقولون إنا في عصر عملي يكره الأحلام والحالمين

بل نحن في عصر مادي فترت فيه حرارة الناس في التعلق بالمثل العليا وانعدم إيمانهم بالمبادئ السامية أو كاد وأصبح من يتشبث فيهم بتلك المبادئ يسمى خيالياً يعيش في السحاب.

وترى خصوم الديمقراطية يهاجمونها بعنف وشدة، فهذا يهاجمها باسم العلم وذاك يهاجمهم باسم الواقع وغيرهما يتكلم عن أزمة الديمقراطية، ورابع يخوض في حديث إفلاسها.

يقولون أن النواميس الطبيعية لا تعرف المساواة، وإن الأرستقراطية هي دعامة الحضارة والرقي، وإن من الناس من يجب أن يعمل بيده ومنهم من يجب أن يتوافر على الأعمال العقلية، وإن حكماء اليونان كان لهم بعض العذر حين ذهبوا إلى تبرير الرق بضرورة أن يتفرغ الحكماء لإدارة شؤون الدولة.

ولا شك أن الديمقراطية تعاني اليوم أزمة شديدة بدليل أن الديكتاتورية قد غلبتها على أمرها

<<  <  ج:
ص:  >  >>