حديثة يرجع تاريخها إلى القرن الرابع عشر قبل المسيح تؤيدهم فيما ذهبوا إليه من أن الهجرة كانت من أوربا إلى آسيا. وسواء أصح الرأي الأول أم الثاني فإن الاستكشافات الحديثة التي قام بها العلماء منذ أن بدأها الأستاذ (يانيرجي) الهندي، وثنى على أثره فيها (سيرجوهن) تسمح لنا بأن نؤكد أن مدنية الهند الغابرة تمتد جذورها في الماضي أكثر من ثلاثة آلاف سنة قبل المسيح، ولكن هذه المدنية التي كانت قد ازدهرت في وادي (البنجاب) قبل احتلال (الآريين) لتلك الأصقاع بأكثر من خمسة عشر قرناً قد اندثرت قبل هذا الاحتلال بزمن لا يعرف التاريخ تحديده بالضبط.
ويؤكد فريق من الباحثين أن تلك المدنية القديمة كانت راقية رقياً يسمح لها بأن تصعد إلى ما هو أدنى من صفوف المدنية الفرعونية بقليل، ويجعل (الآريين) الفاتحين إلى جانب الوطنيين برابرة متوحشين، وأنت ترى أن هذا الرأي يخالف ما نقلناه لك آنفاً من أن السكان الأصليين كانوا شعوباً منتثرة أقل مدنية من الفاتحين، وأن (الآريين) هم أول من حققوا لبلاد الهند الوحدة السياسية والاجتماعية.
ومهما يكن من شيء فقد احتل أولئك (الآريون) تلك الأصقاع المتمدينة وطغوا على مدنيتها وديانتها طغياناً محاهما من صحائف أذهان الخاصة وإن كان لم يستطع أن يمحوهما من صحائف الوجود، بل ولا من أذهان العامة والجماهير.
هذا، وللعلماء الباحثين موطد الأمل في أن يصلوا على ممر الزمن إلى حل رموز الآثار الهندية القديمة التي أنشأها الوطنيون قبل الاحتلال الأجنبي، فإذا وصلوا إلى هذه البغية استطاعوا أن يتبينوا المدنية الهندية القديمة والديانة المحلية وما امتزج بهما وطغى عليهما من مدنية الفاتحين وديانتهم. أما الآن فأكثر ما يقال في هذا الصدد لا يعدو دائرة الفرض والتخمين.
على أن أهم ما يلفت النظر في الاكتشافات الحديثة للآثار الهندية القديمة هو أنه قد عثر على بعض تماثيل يرجع تاريخها إلى عهد المدنية الأولى، ولكنها تشبه كل الشبه تمثال الإله (سيفا) الذي هو من آلهة عهد الاحتلال (الآري) وكذلك عثر المكتشفون على رموز يرجع تاريخها إلى القرن الثلاثين قبل المسيح، وهي لا تزال حية في الديانة الحديثة حياة قوية.