الفتيات تبدأ بعد بزوغ القمر مباشرة والغرض منها تعارف الفتيان بالفتيات إذ ترى الفتيان قبل الغروب مرحين انتظارا لملاقاة فتياتهم ويصرفون زهاء الساعة في تعهد شعورهم ولبس جلود القطط والأنمار والتحلي بصنوف لا تحصى من الخرز والودع وما إليها. وقبيل الغروب تفد الجماهير شبانا وشيبا وتصف جرار المريسة بحجومها الكبيرة وسط الدائرة والى جانبها أطباق من الذرة واللحم نصف المطبوخ، فإذا ظهر النور بدأ المسنون من النساء والرجال في دائرة ومن داخلها جماهير الشباب من الجنسين ويظلون مرحين يتحادثون حتى يقبل الزعيم ومن خلفه اتباعه يحملون الطبول وأدوات الموسيقى فينصت الجمع ويتداخل الفتيان والفتيات في صفين ثم تعزف الموسيقى والطبول وبين أن وآخر يرتل الكل أغنية. وما تكاد تنتهي حتى يعلو قرع الطبل وتموج صفوفهم وبيدهم الحراب التي تتلألأ في ضوء القمر. ثم يسرع أحدهم إلى الوسط مخترقاً صفوف الشابات والشباب وهناك يتمايل ويهاجم كأنه يصارع وحشاً ثم يعاد الغناء ثانية، وبعد ساعة على تلك الحال يشرب الكل المريسة، ويبدو صف آخر من الراقصين بعد انسحاب الأول الذي يظل عاكفا على جرار المريسة يرتشف منها ما يشاء، وأخيراً يختلف الكل في الرقص تاركين الحراب ويتقدم كل شاب في صف الشبان إلى فتاة في صف الفتيات وترفع السواعد بمحاذاة الأكتاف ويقفز كل زوج قفزات منظمة لكن دون أن يلمس الفتى خليلته والفتيات يظهرن دلالهن ويحاولن أسر الرجال واستمالتهم بما يفوق ما تأتيه المرأة الغربية، فهي مثلا تبرز ثدييها بين آن وآخر ثم ترفع عنهما قطعة القماش المهفهفة ثم تعيدها وكثيرا ما يفعل ذلك أمام القاضي في المحاكم فتؤثر فيه وما يكاد الليل ينتصف حتى تكون المريسة قد أخذت بلبهم فيختفي الحابل بالنابل وبمجرد انسحاب الزعماء والمتقدمين في السن يأتي الشبان والشابات بما لا يتصوره العقل بل وبما يستنكره الخلق الفاضل القويم.
الزواج: ولا تتزوج الفتاة قبل الخامسة عشرة وبفضل رقصة الفتيات يمكنها أن تتعرف بالكثير من الفتيان، والزوجة يمكن شراؤها بالقطعان، وللرجل شراء ما استطاع من الزوجات. لأن ذلك دليل الجاه والغنى، وقبل أن تتم صفقة الشراء هذه يجب أن توافق هي على هذا الزوج وفي العادة تكون قد رغبت فيه أبان حفلات الرقص، وهي تحب أن يكون غنيا بقطعانه ومزارعه، والعجيب أن الفتاة تؤثر الزوج الذي يستطيع بماله أن يشتري