رخيصا وسلعة بائرة بعد أن يكون قد أكسب الإنسان سراً من أسرار الطبيعة قد يكون في ذاته هيّنا في العلم، إلا أنه في الاقتصاد خطير، فهو يرد إلى الإنسانية على مر السنين ملايين الجنيهات، وهذه بدورها تمثل طاقة إنسانية تنفق في الزرع والجني وتعهد النبات، وطاقة أخرى طبيعية مما بذلته الأرض من عناصرها والهواء من غازه والشمس من أشعتها، طاقات يعزّ على العلم والعلماء أن يروها تهدر هكذا كاللبن الصبيب والدم المسكوب.
روعة في البرتغال:
في ليلة اليوم التاسع من أكتوبر في بلاد البرتغال تساقطت من السماء السوداء رجوم بيضاء بلغت الملايين فروّعت الناس كأنهم حسبوا أن عقود السماء انفطرت فأخذت النجوم تهوي بغير حساب. وهذه ظاهرة كانت منتظرة في هذا العام الذي نحن فيه وقد تكرر إلى ختام العام.
أما سببها فالمذنَّب المعروف بمذنب (تمبل) وهو من مذنبات أسرة الكوكب السيار (أورانوس) وهذا المذنب يطوف حول الشمس في مسار بيضاوي متطاول يقطعه في ثلث قرن، وبما أنه لا يطوف في دائرة نجده في ساعة ما من سنة ما في موضع أقرب ما يكون من الشمس، ثم نجده بعد هذه الساعة بسدس قرن قد حل أبعد مواضعه منها. ثم ينصرم سدس قرن فإذا به في موضعه الأول الأدنى من الشمس، أعني الأدنى من الأرض، فهو باقترابه من الشمس يقترب منا، وهو كالمذنبات يجر وراءه ذيلا من غاز وتراب وأجسام صلبة منها الكبير ومنها الصغير. والمذنب وذنبه يسيران في الفضاء بسرعة هائلة. فإذا مس هذا المذنب بمادته هواء أرضنا بتلك السرعة المروعة احتك به فاحترق فتكونت من ذلك الشهب التي نراها. وقد أدرك هذا المذنب الأرض ورأى الرقباء شهبه في أكتوبر أو نوفمبر من أعوام ٩٠٢ و٩٣٤ و١٠٠٢ و١١٠١ و١٢٠٢ و١٣٦٦ و١٥٣٣ و١٦٠٢ و١٦٩٨ و١٧٩٩ و١٨٣٣ و١٨٦٦ و١٩٠١. وتجد بامتحان تلك الأرقام أن الفترات بلغت ثلث قرن أو ثلثين أو قرنا بتمامه، وقد فات الرقباء لا شك ظهور هذا المذنب في السنوات الساقطة من سلسلة السنوات المذكورة. أو لعل الأصح أن نقول أن الذي فاتهم إنما هو رؤية الشهب التي تظهر عنه فتدل عليه، فالمذنب نفسه صغير لا تراه العين أكتشفه مكتشفه