للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالتلسكوب عام ١٨٦٦، وعندئذ، وعندئذ فقط، دُرس هذا المذنب ودرست دورته ودرس زمنها وانكشفت العلاقة بينه وبين شهب سجّل التاريخ حدوثها في الأزمان الخوالي. ومنذ حل عام ١٩٣٠ والعلماء في ارتقاب الرسول الوافد، رسول العلم، رسول الإيمان في حسابات الرياضة وقواعد الفيزياء، رسول الثقة في العقل البشري بنَّاء لقواعد الإيمان النفسي، وقد أتى الرسول وألقى برسالته، فوقعت هذا العام في البرتغال فارتاع لها الجهال. وقديما خاف الناس الشهب وراعتهم المذنبات. أليس أبو تمام يقول:

وخوفوا الناس من دهياء مظلمة ... إذا بدا الكوكب الغربي ذو الذنب

وصيروا الأبْرُج العليا مرتبة ... ما كان منقلبا أو غير منقلب

تخرصاً وأحاديثاً ملفقة ... ليست بنبع إذا عدت ولا غرب

ليت شعري أي مذنب كان هذا؟ وفي أي سنة ميلادية بالضبط كان؟ وهل هو مما سجله علماء الفلك؟ وهل في حسبان تاريخه التقريبي نفع؟

جماد يبصر حيث تعمى العين

نزلت في الصيف الماضي بضيعة من ضياع الريف بإنجلترا في دار رجل طيب الخلق سمح كريم إلا أنه شديد على كل من مس ماله وثروته، كان يذكر ذلك ويفخر به ويعلله بأنه كسب ما كسب من عرق جبينه، لا عرق جبين والد أو عم. لذلك أغمه وأهمه ونحن نزول عنده أن لصا ماكرا لحوحا ألح على بيت للدجاج له يقع بعيدا عن الدار فكان يحمل منه كل ما وجد به من البيض، وغاظ صاحبنا منه أمران، أولهما أنه كان يختلف إلى بيت الدجاج والشمس في السماء ومع هذا يفلت، وثانيهما أنه كان يلبس حذاء من قش حذَرَ أن تنطبع قدمه في الأرض فتدل عليه. وفي ذات يوم ونحن جلوس إلى المائدة يحدثنا صاحبنا الريفي للمرة العاشرة عن السارق ويشكو، إذا بأساريره تُبرق وعينه تلمع وأسنانه تتحرّق تحرق المغيظ جاءه النصر على غير انتظار. فسألناه عن خطبه، فقال فخ سأنصبه للوغد، وعن قريب تسمعون عن رقم قياسي للبيض سيدفعه هذا الكلب النذل عن كل بيضة سرقها. وفي ذات مساء والشمس تغيب والمطر رذاذ كنتُ عند الباب الخلفي للدار أتفقد السماء، فلمحت صاحبنا يهرول من بعيد، قد انكشفت نواجذه بابتسامة عريضة، وتأبط شيئا صغيرا ملفوفا في جريدة. فلما اقترب سألته عما جرى فقال صدت السارق، فقلت فأين هو؟ قال هنا،

<<  <  ج:
ص:  >  >>