كان المسيو جومار يحرص أشد الحرص على تذكير الطلبة المصريين بأنهم من شعب مجيد له فضل سابق على الإنسانية فقد قال في الخطبة التي ألقاها عليهم في حفل توزيع الجوائز في اليوم الرابع من يوليه ١٨٢٨:
(أيها الشبان، هذه أول مرة بعد وصولكم إلى فرنسا تعطى لكم أمام الجمهرة المكافأة التي تستحقونها على عملكم الذي ثابرتم عليه، وهذا اليوم يعد من أفضل أيام حياتكم، والأكاليل التي ستتوج بها رءوسكم بعد هنيهة هي رمز فخر عظيم، لأنكم أتيتم في عاصمة العلوم والفنون، وفي وسط مدينة تجمع بين جوانبها كل ما وجد من عناصر المدنية اليونانية وكل ما وجد من العناصر الفخمة في طيبة ذات المائة باب.
أمامكم مناهل العلم فاغترفوا منها بكلتا يديكم، وهذا هو قبسه المضيء بأنواره أمام أعينكم، فاقتبسوا من فرنسا نور العقل الذي رفع أوربا على سائر أجزاء الدنيا، وبذلك تردون إلى وطنكم منافع الشرائع والفنون التي ازدان بها عدة قرون في الأزمان الماضية فمصر التي تنوبون عنها ستسترد بكم خواصها الأصلية، وفرنسا التي تعلمكم وتهذبكم تفي ما عليها من الدين الذي للشرق على الغرب كله)
ولم يقف المسيو جومار عند هذا الحد من التذكير بمجد مصر، بل يتحدث إلى الجورنال أزياتيك عن البعثة المصرية فأشار إلى ما أنشأ محمد علي الكبير من المدارس في وادي النيل فقال إنها ستكون عاملاً لرد النور إلى وطنه الأصلي، ذلك النور الذي يجب على كل من يعني بنشر العلوم والمعارف والمدنية أن يرده إلى مهده الأصيل
ولعلكم تسألون أيها السادة عن عناية محمد علي الكبير بتلك البعثة، وجواب ذلك عند الشيخ رفاعة الطهطاوي، فقد حدثتنا مذكراته أن محمد علي الكبير كان يبعث إليهم من وقت إلى أخر خطاباً يحضهم به على الجد والتحصيل، وأثبت شاهد لذلك نسوق منه طرفا للدلالة على مبلغ عناية ذلك الرجل العظيم بأولئك المبعوثين
قال طيب الله ثراه:
قدوة الأماثل الكرام الأفندية المقيمين في باريس لتحصيل العلوم والفنون، زيد قدرهم
قد وصلتنا أخباركم الشهرية والجداول المكتوب فيها مدة تحصيلكم، وكانت الجداول