قلت - ويداي على طفليها -: (وهذان. . . المحروسان أهما اللذان كان يمكن أن يكونا ولدي؟).
ففهمت وهزت رأسها أن نعم، فقلت:(وتسمحين لي أن اقبلهما، إذ كنت لا أستطيع أن أقبل غيرهما؟)
فهزت رأسها مرة أخرى، فقبلتهما وقلت كالمعتذر:(اذكري أنهما كان يمكن أن يكونا لي)
وقصت عليّ قصة عجيبة، فقالت: إن جاراً لها أحبها وأن أباه أبى أن يزوجه قبل أن يفرغ من المدرسة، فحاول أن يتصل بها فلم يوفق، فأنتحر، فسألتها: أين كنت تسكنين؟) فذكرت لي أسم الشارع والحارة، فإذا الذي انتحر قريب لي!
وقلت لها: أما أنا وأنت فلم ننتحر. . . آثرنا أن نتزوج. . . أظن أن الأمرين سيان. . .)
فأنا أيضاً أحببت في الصباح، كما أحب الفاضل الذي كتب إلي، ولكن الحب لم يكن على الريق بل كان بتأثير العادة وفعلها.
وصاحبنا الذي سمع الصوت في الصباح فتذكره - هذا أيضاً لم يحبب على الريق وإنما استقيظت في نفسه ذكرى، ولو كانت هذه أول مرة يسمع فيها الصوت الحلو لاستغرب ولكان قصار أه أن يستعذبه وأن يشتاق أن يرى صاحبته، ولما منعه ذلك من أن يتثاءب ويمتطي ويشتهي ويعاود النوم.
بقيت الزينة وأظن أني قلت إن المرأة تحب أن تؤكد جمالها وتبرز مفاتنها بالزينة، وأنها لا تستطيع أن تهمل زينتها حين تخرج في أي وقت. فلا خلاف بيني وبين الناقد الفاضل فما أنكرت أن المرأة تطلب الزينة، لأن طبيعتها تقضي عليها بذلك حتى ولو كان الرجال لا يرتاحون إلى هذه المساحيق المختلفة الألوان. ولو ظللت تنهي المرأة عن ذلك طول العمر لما انتهت إلا إذا كانت هي تزهد في المحسنات من تلقاء نفسها أو تضطر إلى الزهد لمرض جلدي أو نحوه. وما أكثر من قلت لهن:(أين منديلك؟) فتخرجه وترينيه وتسألني: (ماذا تريد أن تصنع به؟) فأقول: (لست أحب أن أرى فمك الجميل كالطماطة المشقوقة، فهاتي المنديل لأمسح هذا الأحمر) فتأبى وتقاوم، فألح عليها وأقول:(ثم إن هناك داعياً آخر هو أن هذا الأحمر يحول دون التقبيل) فيكون هذا مغرياً لها بالإصرار على ترك الأحمر على شفتيها، على حين كنت أظن - لغروري - أني زهدتها فيه. .!!