للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بطريقة اليوميات، فيذكر تنقلاته وزياراته ومشاهداته، ويستطرد في أحيان كثيرة إلى ذكر النبذ التاريخية والأدبية؛ وقد بدأ رحلته من مدينة دمشق في غرة المحرم سنة ١١٠٥، (٢ سبتمبر سنة ١٦٩٣) وطاف أولاً بمدن الشام وثغوره، ووصل إلى الحدود المصرية حسبما يذكر في يومياته في اليوم الثالث بعد المائة من بدء الرحلة وذلك في ١٤ ربيع الثاني سنة ١١٠٥، ودخل مدينة القاهرة من باب الشعرية في ٢٤ ربيع الثاني (أواخر ديسمبر سنة ١٦٩٣) وهو يحييها بإعجاب وحماسة كما حياها من قبل جميع الأعلام الوافدين عليها من المشرق والمغرب؛ ونزل ضيفاً على صديقه الشيخ شاهين بن فتح الله حيث أفرد له داراً خاصة ملاصقة لداره ورتب له بها كل ما يلزم لراحته ورفاهته؛ وكان أول من استقبله من أعيان مصر عميد السادة البكرية السيد زين العابدين البكري، فزاره بداره الواقعة على بركة الأزبكية، ويشير النابلسي إلى فخامة هذه الدار وروعة مجلسها المنيف المطل على البركة، ويصف البركة الشهيرة (ذات الروح والريحان التي فيها نفحة من نفحات الجنان)؛ ثم يصف الحمام المجاور لدار البكرية، وبه جناح خاص لا يدخله سوى السيد، وقد دعاه إليه وتمتع بالاستحمام فيه. وكان والي مصر التركي يومئذ علي باشا خازن دار واليها من قبل السلطان أحمد خان (١٦٩٠ - ٩٤)، فاستصحبه السيد البكري لزيارته بمنزله بالقصر العيني المطل على النيل؛ وكان لمضيفه السيد شاهين علاقة صداقة بالوزير (الوالي) فكان يدعوه للمنادمة، ويذهب النابلسي معه إلى مجلس الباشا فيقضيان في زيارته أوقاتاً طويلة

وزار النابلسي المحكمة وقاضيها التركي عارف أفندي وأعجب بضخامتها وبساتينها اليانعة، وزار مراد بك المصري وهو من أعيان الصناجق المصرية بقصره الفخم في (سبيل علام) على قيد ساعتين من القاهرة، وينعته (بفخر الأكارم والاماجد) وقد اعجب النابلسي بفخامة مجالس أعيان المصريين وبذخها وحسن روائها، وكانت تجهز بالأنوار الساطعة من قناديل وشموع، تطلق فيها مباخر العود والعنبر، وينتظم فيها أهل الفن ويوقعون نغماتهم الساحرة على الجنك والعود والرباب وتنشد فيها القصائد الغراء، وبالجملة. فقد كانت مجالس السَحر والطرب والسمر الرفيع.

ويصف النابلسي جزيرة الروضة وجمالها، والمقياس وعجائبه وجامع عمرو وفخامته؛ ثم قلعة الجبل، وقد كانت مركز الوزير التركي (الوالي) وبها ديوان العساكر، ويصف لنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>