وقطعته الثالثة تمثل العائلة المقدسة، وهي صورة مستديرة - ش١ - محفوظة بمتحف أوفيسين بفلورنسا، صورها سنة ١٥٠٤ وتمثل مريم والطفل وخلفهما يوحنا ومجموعة أطفال في مؤخرة اللوحة.
أنظر إلى مريم وكيف أسندت الطفل بوضع أطراف يدها اليمنى تحت إبطه وإسناده له بيسراه ثم تأمل الجمال البادي على ملامحها، وحسن إخراج الملابس وثناياها. إلى جانب جلستها الرائعة، وظهور قدمها اليمنى بحالة فنية لا ترتفع إلى مثلها غير عبقرية ميكيلانجلو.
ثم شاهد ما أرتسم على وجه يوحنا من علامات الحب والإشفاق على الطفل يسوع. ولا حظ شعر الرأس والذقن إلى جانب الحياة التي تشع من عينيه.
ورسم الأطفال في مؤخرة الصورة أقوياء التفاصيل والتكوين الجسماني وهذا من مميزاته الخاصة، وميله إلى قواعد النحت أكثر من ميله إلى قواعد التصوير.
وتعطيك النظرة الشاملة للمجموع الإنشائي للصورة فكرة هائلة عن جمال الوضع الأولي والتصميم الكلي للوجه. فالرؤوس الثلاثة تكاد تكون بارتفاع واحد. ومع هذا لم تخرج عن أصول الانسجام فضلا عن بعدها عن الازدحام الذي يؤدي غالباً إلى ضعف التوجيه. هذا إلى هدوء الألوان وبعدها عن الحدة.
وله مصورات تخطيطية بين سنة ١٥٠١، ١٥٠٥ منها ما مثل دراسات لرؤوس بمشاهدتها تعطيك فكرة صادقة عن مدى تأثره بليناردو دافينشي.
ولعل أبرز ما أنتجه في هذه المرحلة أيضاً الصور الكارتونية للتصوير الجصي (الفرسكو) الذي لم يتم عمله والذي كان مخصصاً لبيت البلدية في فلورنسا، وهذه تخالف في روحها وتكوينها لوحاته التي أظهرت تأثره بليوناردو وهي تمثل مذبحة كاشينا التي أنتصر فيها الفلورنسيون على محاربيهم من بيزا في ٢٧ يوليو سنة ١٣٦٤
وقد مثل في هذه اللوحة جمهرة من الفلورنسيون يستحمون وأعداؤهم من بيزا يفاجئونهم، وهي رائعة الإنشاء قوية الإخراج مليئة بالحركة والرشاقة.
وله أيضاً في هذه المرحلة (١٥٠٥) كارتونات مصورة لم يبق منها للأسف إلا اثنتان، الأولى لأجوستينو فيسيانو والثانية تمثيل منظر (الصاعدين) - ش٢ - ، وهي بالنظر إليها