للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأستاذ الجليل.

وأعود إلى ما كنا فيه فأقول إن الأستاذ لم يبلغ إلى الحقيقة في قوله: إن دار العلوم وغيرها لم تستطع أن تخرج المعلمين الأكفاء الذين نتطلبهم وتتطلبهم اللغة العربية للأخذ بيدها والنهوض بها ومحاربة الضعف الناشئ فيها. وكان وجه الرأي أن يقول: إن وزارة المعارف لم تترك للمعلمين حرية العمل وحرية الرأي في المناهج للأخذ بيد اللغة العربية والنهوض بها ومحاربة الضعف الناشئ فيها؛ وذلك بما قيدتهم من قيود لا تدع لهم الخيرة في أن يفكروا في الوسائل ولا في الغايات التي يجب أن يأخذوا بها الناشئة من طلاب اللغة العربية ليبلغوا بهم حيث يريدون.

ولمنهج التعليم أكبر الأثر بعد ذلك فيما آلت إليه حال اللغة العربية في المدارس المصرية، وعلى ألسنة الناشئين من المتأدبين؛ ولا أعني بهذا منهج اللغة العربية وحده؛ فهذا جزء من كل له أثره في الثقافة العامة التي توجه التلميذ وجهته، وتعده لأن يكون ما يكون في غده: رجلاً لأمته يحرص على قوميته وتراث أهله ومقومات وجوده، أو واحدا كبعض من نعرف من شبابنا، لا يعرف له قومية وليس فيه حفاظ على ما خلف الآباء، ويضيع فيما يضيع من تراث الأجيال لغة قومه ودين قومه. والدين واللغة في تاريخ هذه الأمة شيء واحد، يقوم كل منهما من الآخر مقام الأخر مقام الجزء ما يكمله، وهما معاً عماد القومية العربية المسلمة التي نريد أن نطبع عليها ناشئة الغد.

هذا نقد عام لبرامج التعليم في مدارسنا لا أحاول تفصيله، وحسبي في هذا السبيل أن أنبه أستاذي الجليل إلى نظرة الطلبة في صميم نفوسهم إلى أن اللغة العربية مادة ثانوية وإن وضعت في المناهج في أولها - ليس من عمل المعلم بقدر ما هو من تأثير المنهج الذي يفرض فيما يفرض على التلميذ في المدرسة الابتدائية برنامجاً طويلاً عميقاً في اللغة الإنجليزية قبل أن يستقيم لسانه في نطق جملة عربية واحدة. كما أن ضعف الثقافة في الجمهور فيما يتعلق بالتاريخ الإسلامي والأدب العربي والمعلومات العامة التي تتصل بذلك - ليس مسئولاً عنه معلمو اللغة العربية، لأن ذلك ليس داخلاً في برنامج ما يدرسون لتلاميذهم، وليسوا هم القائمين على تدريس التاريخ الإسلامي، ولا شيٍء مما يتصل به من المعلومات العامة في مرحلة من مراحل التعليم؛ وقد كان ذلك إليهم منذ سنين، وكانت حال

<<  <  ج:
ص:  >  >>