أقرت اللجنة الملكية أن الدولة العربية التي تريد إيجادها لا تستطيع الحياة حياة اقتصادية وحاولت تخفيف شدة الضربة على العرب بالمال، فرددت عبارة (إعانة مالية) مراراً، كأن المال هو كل شيء في الحياة، وكأنه أعز من الأوطان والمقدسات. وقالت:(بما أن ذلك القسم من فلسطين الواقع في منطقة الدولة العربية لن يستفيد فيما بعد من قدرة المنطقة اليهودية على دفع الضرائب، وبما أن مساحة الدولة اليهودية ستكون أوسع من مساحة المنطقة الحالية التي تضم أراضي اليهود ومستعمراتهم (بما لا يقل عن ست مرات) فينبغي أن تدفع الدولة اليهودية إعانة مالية للدولة العربية)
مما لا ريب فيه أن شعب الدولة العربية المنوي إنشاؤها سوف لا يقدر على دفع ضرائب تسد الأكلاف الضرورية لمسير أعمال الدولة كما هي حال شرق الأردن الآن، فإن حكومة هذا الشرق تتقاضى إعانة سنوية من الحكومة البريطانية تمكنها من استمرار وجودها. ولتمكين حكومة (الدولة العربية) من الحياة يريد اللورد بيل أن تدفع الدولة اليهودية للدولة العربية إعانة مالية. أي أن حياة المملكة العربية تتوقف على ما تجود به عليها الدولة اليهودية. . .
إن في إمكان الدولة اليهودية أن ترفض دفع هذه الإعانة المادية بعد أن تكون قد نالت ما تبتغي. فمن يضمن دفع هذه الإعانة؟ أهي الحكومة البريطانية؟ لقد رأينا قيمة ضمانات هذه الحكومة ولاسيما تجاه العرب. لا ينبغي إن تبهر هذه الإعانة من يوطنون النفس على الاستفادة منها. إن اليهود لن يدفعوها إذا وجدوا مصلحتهم تقضي بذلك. وسيجدون ألف عذر ليتملصوا من دفعها. لقد تعهدت ألمانيا بدفع تعويضات لفرنسا ولغيرها من الدول ولم يمض على تعهدها عامان حتى أخذت في تأجيل الدفع ثم النصل منه نهائيا، ولم تستطيع فرنسا القوية على إرغامها، فهل في مقدور الحكومة العربية الضعيفة إرغام اليهود على دفع هذه الإعانة؟
ولنفرض أن اليهود سيدفعون هذه الإعانة عن طيب خاطر فإن هذه الإعانة ضرب من استعمار اليهود للدولة العربية الفقيرة، ووسيلة إلى تدخل اليهود في سياستها وفي جميع أمورها. هناك قاعدة اقتصادية سياسية بسيطة تقول بأن الذي في يده ميزانية الدولة في يده