القطيعة والعداوة، إذ اتفق أن ضبط في الشام في شهر مايو سنة ١٥١١. رجلان أحدهما من جزيرة قبرص واسمه (نيقولان سوربيه) وكانا آتيين من الشرق من بلاد الشاه إسماعيل الصفوي يحملان خطابين موجهين من الشاه إلى حكومة البندقية معنونين إلى (توماسو كونتاريني) قنصل البندقية في دمشق و (بطرس زين) قنصلها بالإسكندرية. وكان السلطان العظيم قانصوه يرى في الشاه الصفوي عدوا خطيرا. فلما رأى هذه المراسلة بينه وبين البندقية زاد حنقه على تلك الصديقة ورأى أنها تخادعه وتتظاهر بمودته في حين أنها تراسل عدوه الأكبر، وأوشك الأمر أن يفضي إلى عداوة صريحة بينهما
فأمر السلطان بالقبض على القنصلين، وقادهما إلى القاهرة وسجنهما بها وعزم على أن يعامل رعايا البندقية معاملة رعايا الدول المعادية فيقبض عليهم ويصادر أملاكهم وأموالهم ويقطع علاقته بدولتهم إيذاناً بالعداوة الصريحة.
وكانت فرنسا والبندقية تتنافسان على النفوذ في الشرق، فلما رأت فرنسا هذا التوتر في علاقة مصر بالبندقية سارعت إلى إرسال سفير إلى السلطان ليوثق معه روابط المودة وكان هذا السفير اسمه (اندريه لرو)
ولما رأت البندقية أن فرنسا تسعى هذا السعي في تلك الأزمة لم ترض أن تترك الميدان لمنافستها خشية ما يعود عليها من الضرر لو تغيرت سياسة مصر نحوها، فبادرت بإرسال سفير كبير لمقاومة مسعى فرنسا وكان سفيرها هو (دومنيكو تريفيسان)
وهكذا شهدت القاهرة في سنة ١٥١١ معركة سياسية دولية لم يكن فيها سفراء فرنسا والبندقية هم المتنافسين على صداقة سلطان مصر فحسب، بل كان إلى جانبهم سفراء آخرون بعضهم مسيحيون كسفراء (جورجيا) البعيدة، وبعضهم مسلمون كسفراء النزلاء العثمانيين وسفراء شاه إيران.
ولعله من المناسب هنا أن نصف استقبال سلطان مصر لسفير البندقية مستمدين تفاصيل ذلك من كاتب صحب ذلك السفير.
قال شاهد العيان يصف رحلة السفير ومن معه إلى مقرهما بالقاهرة ويصف لقاء السلطان لهم:
نزلنا ببولاق ثم سرنا إلى المنزل المعد لنا في بقعة من أحسن بقاع القاهرة. وكان المنزل