والأستاذ الرافعي حنفي المذهب كسائر أسرته، ولكنه درس مذهب الشافعي وكان يعتد به ويأخذ برأيه في كثير من مسائل العلم.
وأم الرافعي كأبيه سورية الأصل، وكان أبوها الشيخ الطوخي تاجراً تسير قوافله بالتجارة بين مصر والشام، وأصله من حلب، وأحسب أن أسرة الطوخي ما تزال معروفة هناك، على أنه كان اتخذ مصر وطناً له قبل أن يصل نسبه بأسرة الرافعي. وكانت إقامته في (بهتيم) من قرى مديرية القليوبية، وكان له فيها ضيعة، وفيها ولد الأستاذ مصطفى صادق الرافعي في يناير من سنة ١٨٨٠م، إذ آثرت أمه أن تكون ولادتها في بيت أبيه.
وكانت أم الرافعي تحبه وتؤثره، وكان يطيعها ويبرها، وقد ظل إلى أيامه الأخيرة إذا ذكرها تغرغرت عيناه كأنه فقدها بالأمس، وكان دائماً يحب أن يسند إليها الفضل فيما آل إليه أمره؛ وقد توفيت في أسيوط ودفنت بها، ثم نقلت إلى مدافن الأسرة بطنطا، وقد شيعها الرافعي على عنقه إلى مقرها!
علمه وثقافته:
لأسرة الرافعي ثقافة أُسميها كما يسميها الأستاذ إسماعيل مظهر (ثقافة تقليدية)، فلا ينشأ الناشئ منهم حتى يتناولوه بألوان من التهذيب تطبعه من لدن نشأته على الطاعة واحترام الكبير وتقديس الدين، وتجعل منه خلفاً لسلف يسير على نهجه ويتأثر خطاه. والقرآن والدين هما المادة الأولى في هذه المدرسة العريقة التي تسير هذه الأسرة على منهاجها منذ انحدر أولهم من صلب الفاروق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
وعلى هذه النشأة نشأ المرحوم مصطفى صادق، فاستمع إلى أبيه أول ما استمع تعاليم الدين وحفظ شيئاً من القرآن، ووعى كثيراً من أخبار السلف، فلم يدخل المدارس المدنية إلا بعد ما جاوز العاشرة بسنة أو اثنتين. فقضى سنة في مدرسة دمنهور الابتدائية، ثم نقل أبوه قاضياً إلى محكمة المنصورة فانتقل معه إلى مدرسة المنصورة الأميرية، فنال منها الشهادة الابتدائية وسنه يومئذ سبع عشرة سنة أو دون ذلك بقليل؛ ومن زملائه في المدرسة الابتدائية الأستاذ الجليل منصور فهمي بك، ونيازي باشا وأحسبه قال لي: إن منهم كذلك الشارع القانوني الكبير عبد الحميد بدوي باشا
ومن أساتذته في المدرسة الابتدائية شيخنا العلامة الأستاذ مهدي خليل المفتش بوزارة