للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

اضطلع بها مصلح مصر العظيم

هذا ولسنا نتحدث هنا عن أسطول مصر التجاري، وكيف كان طوال العصور الوسطى يأخذ بأعظم قسط في المواصلات البحرية بين مصر وثغور البحر الأبيض المتوسط، شرقه وغربه وشماله، وكيف كان إلى جانب أساطيل البنادقة والجنوبيين يأخذ بقسط وافر في تجارة الهند في تلك العصور

عرضنا هذه الخلاصة التاريخية ليرى القارئ كيف كانت مصر في عصور استقلالها دولة بحرية عظيمة، وكيف كان الأسطول المصري في تلك العصور عاملا من عوامل التوازن والاستقرار في شرقي البحر الأبيض المتوسط

والآن وقد استأنفت مصر حياتها الحرة المستقلة بعد فترة من المحن قلت فيها إرادتها وحرياتها؛ الآن وقد عادت تحمل على كاهلها أعباء الاستقلال وتكاليفه، وتعد أسباب الدفاع عن هذا الاستقلال، وتعيد تنظيم جيشها الباسل ليتبوأ مكانته التاريخية القديمة بين الجيوش الحديثة، فانه يلوح لنا أن حديث الأسطول المصري مما يناسب المقام والظروف.

وإذا كان من حسن الطالع أن تكون مصر صديقة وحليفة لبريطانيا العظمى أعظم الدول البحرية؛ وإذا كانت مصر تستطيع إلى حين أن تعتمد على معاونة حليفتها العظيمة في رد اعتداء المعتدين عليها وخصوصاً من البحر؛ وإذا كانت بريطانيا العظمى ترى من مصلحتها الحيوية أن تعاون بأقصى ما تستطيع في سلامة مصر من كل اعتداء خارجي، فإن ذلك كله لا يمنع مصر من أن تفكر في المستقبل وأن تتطلع إلى اليوم الذي تستطيع فيه أن تنظم لنفسها نوعاً من الدفاع البحري إلى جانب الدفاع البري والدفاع الجوي.

ونقول نوعاً من الدفاع البحري لأننا لا نطمع أن تغدو مصر دولة بحرية في المستقبل القريب؛ وإنما نطمع في أن يكون لمصر في الفرصة الملائمة قوة بحرية دفاعية تؤيد سيادتها في المياه المصرية وتقوم بقسطها من الدفاع عن الطوارئ والمفاجآت، وتكون نواة لأسطول مصر المستقبل. ذلك أن مصر باعتبارها دولة بحرية من دول البحر الأبيض لا نستطيع أن نقصى عن هذه الحقيقة إلى الأبد، ولا مندوحة لها من أن تساير تطور الحوادث والظروف

ولمصر أسوة بدول أخرى من دول البحر الأبيض ليست أكبر منها ولا أعظم موارد، مثل

<<  <  ج:
ص:  >  >>