للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تكون إلى المعونة والمساعدة، وهل يرضى لنفسه أن يكون فتقا في شرايينها ينزف منه مقدار من دمها هي أحوج ما تكون إليه في ضعفها وقلة حيويتها؟

يخيل إلى أن وطنيا لا يرضى لنفسه أن يكون سببا في هذا الشر المستطير لو وقف على جلية هذا الأمر وأدرك خطورته على أمته وعلى نفسه أيضا. فليحرص كل منا على القيام بواجبه من التعويل على مصنوعات بلاده وترويجها بكل ما أوتيه من قوة، لأننا لا نستطيع أن نحافظ على كيان بلادنا في معمعان هذه الأزمة العالمية الطاحنة إلا بهذه الوسيلة، وهي طوع أرادتنا، ومن مقدورنا، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، والسلام.

الصناعة عنوان الحضارة

للدكتور عبد الرحمن شهبندر

للأمم (معامل) تصنع فيها المصنوعات المعنوية من شرائع وسياسات وأخلاق وعادات كما تصنع فيها المصنوعات المادية من أنسجة وأحذية وألبسة وآلات، ولا تقل هذه دلالة عن تلك على مبلغ أصحاب (المعامل) من الارتقاء العقلي، بل ربما كانت المصنوعات المادية أدق في التعبير عن ذهنية الأمم من المصنوعات المعنوية لأنها محسوسة ملموسة تقبل الموازين، وأما تلك فهي أوضاع ومقاييسها معنوية مثلها.

ولكل عصر من العصور طابع خاص بالصناعة التي راجت فيهو فعصر الفروسية مثلا_وهو من أقرب العصور التي عرفناها امتاز بصنع اللجم والركب والسروج كما امتاز بصنع المحركات للسيارات والطيارات وآلات الزراعة، وقد أحب الفرسان الخيل والعدو على ظهورها وعقدوا بناصيتها الخير فتفننوا في الأدوات التي تلازم ركوبها وأما نحن فقد فتنا بالسرعة واستخراج أعظم محصول بأقل مجهود فبرعنا في عمل (الموتورات). نحن في الشرق من أسبق الأمم إلى عمل المصنوعات بالمعنيين المتقدمين، لكننا تراجعنا فيهما كليهما، فحلقات الدروس وما يجري فيها من بحث عن موضوعات عقيمة سخيفة بالية وهي لا تقاس بما كان عليه السلف في العصر العربي الذهبي، تدل على هذا التراجع كما تدل عليه المصنوعات الهزيلة الخالية من المتانة والذوق والمعروضة في الأسواق والحوانيت. وزيارة واحدة لمكتبة من المكاتب الكبرى فى دمشق أو بغداد أو القاهرة وتقليب صفحات

<<  <  ج:
ص:  >  >>