سليمان باشا مديره رجل في الأربعين حنكته الأيام والتجارب ففاق الفلاسفة فهماً للنفوس والرجال، يعرفه جميع الماليين وكبار الموظفين لأنه يقرض النقود بأرباح هادئة. وقد غدا بحكم اتصاله بكبار رجال الدولة من زبائنه ذا نفوذ عظيم له ظاهر يعلمه الناس جميعاً وباطن يعلمه هو وهم وأمثالنا من ذوي الحاجات. . هلم أدلك على قريب لي من أصدقائه المقربين، خاطبه في أمرك فان رأى أن شروطك ملائمة كان واسطتك إليه، وثق يا صديقي أنه إذا كتب لسعيك لديه النجاح فانك لا شك غداً من موظفي الحكومة الممتازين)
وفي عصر ذلك اليوم كان عند قريب الأستاذ رشدي. . . وقد قدمه إليه صديقه فلقي منه ترحيبا شد عزيمته وأنعش أمله، قال له الرجل بعدما بسط له مسألته:
(أوه. . . إنك تنظر إلى علُ. . . فما هي مؤهلاتك. . .؟)
(ليسانس الحقوق)
(شهادة في ذاتها مبجلة. . . ولكن ليس العبرة بالشهادات. . . هل لك أقارب من ذوي المناصب. . .؟)
فضحك الشاب وقال:
(لو كان لي ما سعيت إليك. . .)
(حسن. . . من يطلب ثميناً فليدفع ثميناً. . . إلا أني أرجو أن تذكر أنه ما أنا إلا واسطة نزيهة، وإني إن مددت لك يدا فلأنك صديق رشدي ولأنه حدثني عنك بما جعلني أقدرك وأعطف عليك. . . والآن أسمح لي أن أعرض عليك الوسائل التي قد تبلغ بك إلى غايتك المقصودة، وما علّي جناح إن لم يصادف بعضها هواك لم يستحق احترامك فعلي العرض وعليك الاختيار. . .)
فأحنى الشاب رأسه أن نعم؛ فاستطرد الرجل همسا:
(النساء من أنجع الوسائل تحقيقاً للغرض. . . أم جميلة. . . أخت شابة. . . زوج ظريفة. . . أرى وجهك تحتقن فيه الدماء. . وتلتهمه سورة الغضب، حسن فلندع هذه الوسيلة. . .)